للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[منهج ابن تيمية في مسألة التكفير]

المؤلف/ المشرف:عبدالمجيد بن سالم بن عبدالله المشعبي

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:أضواء السلف - الرياض ̈الأولى

سنة الطبع:١٤١٨هـ

تصنيف رئيس:توحيد وعقيدة ومنهج

تصنيف فرعي:ابن تيمية - ترجمة كاملة أو دراسة منهجية

الخاتمة

وبعد أن سهل الله عليّ إتمام هذا البحث أحمد الله حمداً كثيراً كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشكره على ما سهل لي، وعلى ما حباني به من النعم الجسيمة، والأفضال العظيمة، وأسأله العفو والمغفرة إن حصل تقصير أو خطأ أو زلل، إن ربي بعباده رؤوف رحيم، وفي هذه الخاتمة سأتعرض لأهم النتائج التي تستخلص من خلال عرض هذا البحث، وهي كما يلي:

أولاً: لا يجوز الإقدام على تكفير الناس بغير دليل شرعي، وقد كان شيخ الإسلام حريصاً على الذب عن أعراض المسلمين أن يرمي أحدهم بكفر، حذرا من ذلك، محذرا الناس من الوقوع فيه.

ثانياً: أن الحكم المطلق بالكفر على الأقوال والأفعال يختلف عن الحكم على الشخص المعين.

ثالثاً: أن من الأمور التي يطلق عليها الكفر، ويكفر مرتكبها بعد استيفاء الشروط وانتفاء الموانع: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوها، وتارك أركان الإسلام بالكلية، وراد شرع الله أو بعضه، ومن سب الله تعالى أو استهزأ به أو بآياته، ومن سب أحد الأنبياء، أو استهزأ به أو كفره، أو قذف إحدى زوجاته، ومن استحل الحكم بغير ما أنزل الله، ومن نفى صفات الله، أو شبه الله بخلقه، أو أثبت لغير الله ما لا يكون إلا لله، ومن تشبه بالكفار مطلقاً، أو والاهم ولاء مطلقاً، أو لم يكفر الكافرين، أو شك في كفرهم، أو سوغ اتباع دينهم أو من استحل قتل المسلم، أو قتله من أجل إسلامه.

رابعاً: يتعين الكفر على الشخص المعين إذا ارتكب أمراً مكفراً، وكان قاصداً للمعنى الكفري إذا كان اللفظ يحتمل أكثر من معنى، وقامت الحجة على فاعله ولم يكن مجتهداً مخطئاً، ولا جاهلاً، ولا مكرهاً، ولا عاجزاً عن أداء ما أوجبه الله.

فإذا وجد شيء من الموانع، أو انتفى شيء من الشروط انتفى التكفير.

خامساً: من شروط تكفير المعين التي ذكرها شيخ الإسلام: أن يقصد المتكلم المعنى الكفري؛ وهذا يكون في الألفاظ المحتملة أكثر من معنى؛ بعضها كفري، وبعضها غير كفري، وفي الكلام الذي له لوازم كفرية.

ولا يعترض على ذلك بما ذكره شيخ الإسلام في شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يكفر سواء كان مازحاً أو جاداً، وسواء علم بأن كلامه كفر أم لم يعلم؛ فذاك شيء وهذا شيء آخر، إذ المقصود بكلام شيخ الإسلام أن المعين أطلق كلمة الكفر في شتم الرسول صلى الله عليه وسلم، وبهذا يكون قاصداً لها.

وفرق بين من لم يقصد المعنى الكفري، وبين من لم يقصد بكلامه الخروج عن الإسلام وإن كان متلفظاً بكلمة الكفر، فذاك كلام يحتمل الكفر وغيره وهذا كلام لا يحتمل إلا الكفر.

ويتبين ذلك بمسألة من سب موصوفاً بوصف يطلق على الله تعالى، ففي هذه المسألة ذكر شيخ الإسلام أنه يستفصل الساب عن قصده؛ لأن الكلام محتمل، فإن قصد سب الله كفر، وإن لم يقصد الارتداد عن الدين والخروج عنه.

سادساً: بالنسبة للحكم على الفرق تقسم الفرق إلى قسمين:

فرق لا يكفرها شيخ الإسلام؛ كالمعتزلة، والأشاعرة، وبعض القدرية، والشيعة المفضلة، والكلابية، والمرجئة، والخوارج.

أما القسم الثاني فهو: الفرق التي يكفرها شيخ الإسلام؛ كالجهمية، والفلاسفة، والباطنية، والرافضة، وبعض القدرية.

أما المعين من هذه الفرق فله ثلاث حالات:

١ - إما أن يكون مسلماً ظاهراً وباطناً، إلا أنه اعتقد أن الحق مع إحدى هذه الفرق الضالة – التي ليس من عقائدها ما فيه معاندة لله ورسوله – فتابعهم في بدعهم جهلاً منه، أو أدخلت عليه بعض شبهاتهم فاعتقدها، فهذا لا يكفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>