الناشر:المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية - الأردن ̈بدون
سنة الطبع:١٩٨٩م
تصنيف رئيس:فقه
تصنيف فرعي:معاملة غير المسلمين
الخاتمة:
ويظهر من خلال البحث سماحة الإسلام والمسلمين في التعاون مع غير المسلمين، وإقرارهم على دينهم وعقيدتهم، والارتباط معهم بعهد وعقد منسوب إلى الله والرسول، لأهميته والحرص على تطبيقه والحفاظ عليه، وأن الواقع العملي في رعاية غير المسلمين في الدولة والمجتمع الإسلامي كان يتفق - أو يفوق - الجانب النظري، ولذلك تم التعايش الكامل بين المسلمين وغير المسلمين طوال الحقبة التاريخية السابقة، وحافظ غير المسلمين على وجودهم وكيانهم ودينهم حتى الوقت الحاضر، مع قيام الارتباط الوثيق بينهم وبين المسلمين في جوانب الحياة المختلفة، دون التدخل في العقيدة والمسائل الدينية البحتة، التزاماً بقوله تعالى:{لكم دينكم ولي دين}.
كما أثبت التاريخ أن غير المسلمين تبوأوا مناصب عالية، ومراكز مرموقة، وأنهم كانوا في قصور الخلفاء، وأن الحكام والأمراء استعانوا بهم، وأسندوا إليهم الوظائف المختلفة، ولمع منهم عدد كبير، وهو ما لاحظه المستشرق آدم متز، فقال:" من الأمور التي نعجب لها كثرة عدد العمال والمتصرفين غير المسلمين في الدولة الاسلامية "، وهذا ما أتاح لهم إبداء الرأي، وتقديم المشورة والخبرة في مختلف القضايا باستثناء الأمور الدينية، وهكذا نعم غير المسلمين بالإقامة بجوار المسلمين، متمتعين بالحقوق الكاملة، والكرامة والعيش الرغيد تحت مظلة الشريعة الإسلامية.
لذلك نختم البحث بتوصية متواضعة، وهي أن الالتزام بشريعة الله تعالى هي الضمان الرئيسي لحفظ الحقوق لكل فئات المجتمع، دون أن نفسح المجال لدخيل فكري، أو تشريع مستورد، يمزق كيان الأمة، ويثير النعرات بينها، ويوقد الطائفية بين أبنائها، ويجب أن نحرص على التقيد بالشريعة الغراء، وندعو إلى تطبيقها، وتقنين أحكامها، ليسود العدل والإخاء في ربوع البلاد.