[حكم رفع اليدين مع تكبيرات الجنازة]
المؤلف/ المشرف:محمد العلاوي
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:مكتبة الإيمان - المنصورة - مصر ̈بدون
سنة الطبع:بدون
تصنيف رئيس:فقه
تصنيف فرعي:صلاة التطوع - جنائز
الحاصل في المسألة
الحمد لله على امتنانه وتوفيقه ورحمته فقد وسع كل شيء رحمة وعلماً، أما بعد.
فبعد عرض هذه المسألة على النحو السابق تلخص لنا ما يلي:
أولاً: من قال بالرفع بالأولى فقط استدل بحديثين:
أولهما: حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر على جنازة فرفع يديه في أول تكبيرة، ووضع اليمني على اليسرى.
والثاني: حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه على الجنازة في أول تكبيرة ثم لا يعود.
وكلاهما ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإطباق أكثر أهل العلم على تضعيفه، بل لا نعلم من صححهما من أهل العلم المتقدمين والمتأخرين – ولا يثبت فيها شيء أيضاً، واستدلوا ببعض آثار التابعين، وقد ثبت بعضها وهم قلة في ذلك. وأخذ بهذا الرأي بعض أهل العلم منهم: سفيان الثوري والحنفية ورواية عن مالك، وتابعهم على ذلك الإمام ابن حزم والعلامة الشوكاني والعلامة الألباني:
• وأما الرأي الثاني: وهو رفع اليدين في جميع التكبيرات: استدلوا كذلك بحديثين من طريق ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى على الجنازة رفع يديه في كل تكبيرة: أحدهما تالف الإسناد، والآخر الصحيح فيه الوقف، ولا يثبت في ذلك شيء مرفوعاً كما قال العلامة المباركفوري، وقال: ولم أجد حديثاً صحيحاً في هذا الباب، واستدلوا أيضا ببعض آثار الصحابة، وسلم لهم أثر عبدالله بن عمر – رضي الله عنهما -، وأثر ابن عباس – رضي الله عنهما – على ما صححه الحافظ ابن حجر وسوى ذلك متكلم فيه من ناحية الإسناد، واستدلوا ببعض آثار التابعين وسلم لهم الكثير، فإن أكثر التابعين على ذلك، وصح السند إليهم وأخذ بهذا أكثر أهل العلم، على ما ذكره الإمام الترمذي في "جامعه" وهي رواية عن الإمام أبي حنيفة ورواية عن الإمام مالك، وهو قول الإمام الشافعي، وهو قول الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق، وتابعهم على ذلك أكثر العلماء.
ومن هنا يتضح أن المسألة خالية تماماً من حديث صحيح، ولذا قال الحافظ ابن حجر – بعد تضعيفه لحديثي أبي هريرة وابن عباس-: ولا يصح فيه شيء.
وقال المباركفوري: ولا أعلم حديثاً صحيحاً في هذا الباب.
ولذلك أصبحت المسألة قابلة للأخذ والرد، ووسع فيها الخلاف أمة محمد صلى الله عليه وسلم، بل لو قال قائل: إن الرأي الأوجه: الرأي الثاني لفعل ابن عمر، وهو من أفضل الصحابة تتبعاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وعدم وجود من يخالفه من الصحابة وأكثر التابعين على ذلك، وجمهور أهل العلم أخذوا بهذا؛ لكان رأيا وجيها، ولكن نقول: إنه ما دام لم يصح في الباب شيء فهذا مما يسع فيه الخلاف أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وندعو الله جل وعلا أن تتفق الأمة وتقوى شوكتها لتصمد أمام أعدائها في الداخل والخارج، وتنبذ كل المشاحنات والمشاجرات من أجل الغاية العظمى والفكرة الكبرى، وهي الائتلاف وعدم الاختلاف والاجتماع على الحق ونبذ الباطل والتمذهب الممقوت، واتباع سنة نبيها صلى الله عليه وسلم، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.