[أعلام الشناقطة في الحجاز والمشرق- جهودهم العلمية وقضاياهم العامة من القرن الخامس إلى القرن الخامس عشر الهجريين]
المؤلف/ المشرف:بحيد بن الشيخ يربان الإدريسي
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:دار النشر الدولي- السعودية ̈الأولى
سنة الطبع:١٤٣٠هـ
تصنيف رئيس:تراجم
تصنيف فرعي:تراجم العلماء والدعاة
الخاتمة:
الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم المرسلين وعلى آله الطيبين، وصحابته الأكرمين وتابعيه المقسطين إلى يوم الدين.
وبعد: فإذا كان هؤلاء الأفاضل قد أفضوا إلى ما قدموا -رحمهم الله تعالى-، فإنه يجب على أبنائهم وأحفادهم من بعدهم تحمل مسؤولياتهم التاريخية تجاه دينهم وأمتهم، ومراعاة حق هذه الأخوة والصداقة اللتين كانتا تربطهم بأشقائهم في المعمورة، وعلى مدى قرون طويلة، وفاء لعهدهم وصلة لأرحامهم، وإحياء لذكراهم، وذلك من برهم شرعاً، لما روي أن رجلاً من بني سلمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما)؟ فقال: (نعم، الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وانفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما) رواه أبو داود وابن ماجه وابن حبان.
ولا يسعني في هذا المقام إلا أن أُذكر المسلمين عامة والشناقطة خاصة بما كان عليه سلفهم من غيرة دينية، وعلو همة، وترفع عن الدنايا وسفاسف الأمور. وحرصهم على جمع الكلمة، وتوحيد الجهود في سبيل عزة الإسلام وكرامة الأمة، لذا نرجو من الجميع أن لا يفرطوا في هذه المنقبة العظيمة في داخل بلادهم وخارجها إذ أن حفظ الدين، وصيانة الأعراض من الألويات الضرورية التي جاءت بها الشرائع السماوية واتفقت عليها. فالله الله أن يؤتى الإسلام من قبلكم، فهذا عصر التصفية والتمحيص، والأمور بخواتهما، وكما تدينوا تدانوا!!.
وقد عرفتم أنه ما من شيء أثقل على الحر من أن يقال له:
فإن فخرت بآباء ذوي شرف ... صدقت ولكن بئس ما ولدوا
والعقلاء هم الذين يقولون:
لسنا وإن كرمت أوائلنا ... يوماً على الأحساب نتكل
نبني كما كانت أوائلنا ... تبني ونفعل مثل ما فعلوا
أما أهم النتائج التي قادني إليها البحث فتتلخص فيما يلي:
١ - إن الإسلام دخل بلاد شنقيط على يد عقبة بن نافع الفهري المتوفي سنة ٦٤هـ، خلافاً لما ذهب إليه بعض الباحثين من أنه لم يدخل إليها إلا بعد القرن الأول الهجري على يد حفيده حبيب بن أبي عبيدة، وقد استشهدت على ما ذهبت إليه بأدلة معتبرة عند محققي المؤرخين.
٢ - إن الصلة بين بلاد شنقيط والمشرق لم تنقطع منذ فجر الإسلام لوجود قوافل الحج الموسمية، والرحلات العلمية المختلفة.
٣ - إن الشناقطة كان لهم حضور متميز في الحجاز والمشرق منذ قرون بعيدة، وهم لم يتبوءوا تلك المكانة السامية إلا بثلاثة أشياء لا رابع لها في نظري هي: تمسكهم بالدين، وتشبثهم بالعلم، وزهدهم في الدنيا.
٤ - كانت جهود الشناقطة في الحجاز والمشرق تتركز أساساً على التعليم والقضاء، والإفتاء والإمامة. لذا كانت بصماتهم ظاهرة في النهضة التعليمية الحديثة التي عرفتها المنطقة، كما كانت لهم مشاركة سياسية معتبرة لدى دوائر الحكم المشرقية.
٥ - إذا كانت البادية حاضنة للجهل فهي عند الشناقطة منبع للعلم، ولذلك كانت مصدر فخر واعتزاز بالنسبة لهم.
التوصيات والمقترحات:
- بناء على أن المحاضر أثبتت جدارتها في نشر الإسلام والثقافة العربية وتكوين الفقهاء على مدى قرون سحيقة، فإن من الضروري المحافظة عليها، والعمل على تطويرها بما يتلاءم ومقتضيات العصر، وذلك بترشيد نظامها التعليمي ومنهجها التربوي، وتخصيص أوقاف لها تضمن استقلاليتها واستمراريتها، وتمكنها من مواجهة التحديات المختلفة.
- أدعو إلى المزيد من الدراسات والبحوث عن هذه الظاهرة العلمية الشنقيطية إنصافا لها، وللاستفادة منها أيضاً حتى يتحقق التكامل الثقافي الذي نسعى إليه، وتقوم الوحدة الفكرية التي ننشدها بين أقطارنا الشقيقة في المشرق والمغرب.
- أقترح على المراكز العلمية والثقافية في العالم الإسلامي وضع برنامج مستقبلي طموح للاستفادة من خبرات علماء الأمة. وذلك بتبادل الزيارات فيما بينهم، والعمل الجماعي الدؤوب على مواجهة التيارات الفكرية المنحرفة التي تستهدف عقيدة الأمة وكيانها.