[المدرسة الظاهرية بالمغرب والأندلس]
المؤلف/ المشرف:توفيق بن أحمد الغلبزوري الإدريسي
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:دار ابن حزم - الرياض ̈الأولى
سنة الطبع:١٤٢٧هـ
تصنيف رئيس:فقه
تصنيف فرعي:دراسات فقهية
الخاتمة:
لا أريد في هذه الخاتمة – كما جرت العادة – أن أعود إلى عرض ما عرضته، وإجمال ما فصلته، فذلك قد مضى بما له وما عليه، ولابد أن أعود إليه – إذا يسر الله ذلك – لتتميمه، وتهذيبه، وتشذيبه، وتصحيح أخطائه، وتقويم اعوجاجه.
ولهذا فإني أقصر هذه الخاتمة على التذكير والتنبيه على آفاق هذا البحث من خلال بعض القضايا الكبرى التي أثارها، والتي تتطلب الكثير من الدراسة والتنقيب والنقر.
أ- لقد كشف هذا البحث النقاب عن أعلام الظاهرية بالمغرب والأندلس، وأحصى منهم عدداً لم يتنبه له الكثيرون، ولكن مع ذلك ما يزال يظهر كل مرة جديد منهم، فلزم مواصلة البحث عنهم، وتقضي تراجمهم المتفرقة شذر مذر في كتب من العلم متنوعة، لنخلص بذلك إلى مصنف شامل في طبقات الظاهرية، يوفر علينا الجهد والوقت، ويغنينا عن البحث في مئات كتب الطبقات، والتراجم والفهارس، وكتب البرامج والتواريخ، كلما أردنا معرفة أحد منهم.
ب- ظهر من خلال هذه الدراسة أن المذهب الظاهري بحاجة اليوم في عصرنا الحاضر إلى جمع شتاته ولم شعثه، فكراً وفقهاً وأصولاً، وعدم الاقتصار في ذلك على تراث الإمام ابن حزم وحده، وذلك عن طريق جمع واستخراج آراء الظاهرية المنثورة في كتب التفسير والحديث، والفقه والأصول، المطبوعة، وتحقيق ما يوجد من مؤلفاتهم التي ما تزال مخطوطة.
ج- كما تناولت هذه الدراسة قضية جوهرية في مجال النظر والاجتهاد في عصرنا الحاضر، وهي مسألة التفاعل بين النصوص ونوازل العصور.
فجمهور الفقهاء يكادون يجمعون على أن (النصوص متناهية والوقائع غير متناهية) أما الظاهرية فقد جاءوا أساسا لهدم هذه الفكرة الخطيرة، وكان لديهم منهج آخر في التعامل مع النص، فالنصوص عندهم غير متناهية أبداً، ووجود واقعة لا نص فيها معدوم، إذ الدين كله منصوص عليه، والنصوص محيطة بأحكام الحوادث إلى يوم القيامة، وأنها قادرة على مواجهة الوقائع مهما تعددت وكثرت، ولتبلغ الوقائع ما تشاء فإن النص قادر على شمولها بأحكامه، دونما حاجة إلى القياس أو التعليل، فالنصوص مطلقة والنوازل نسبية، والنص المطلق قادر على الهيمنة على الحوادث النسبية، إذا عرف المجتهد كيف يتعامل معه.
هذه النظرة هي مركز الفكر الظاهري وقطب رحاه، وهي تحمل للأمة الكثير من الخير لو قدر لها الذيوع والانتشار بالقدر الذي ذاعت وانتشرت به غيرها من المناهج والمذاهب، ولكنها بحاجة إلى تعميق وتطوير، أرجو أن يسد ثغرته ويتم بناءه الباحثون والدارسون.
د- أما معرفة آثار هذا الاتجاه الظاهري في تاريخنا الفكري والحضاري في القديم والحديث، وإيضاح وبيان الفروق بينه وبين غيره من الاتجاهات، فأرجو أن يكون هذا البحث فاتحة لدراسات معمقة في هذا المجال، والاستفادة من منهج الظاهرية النحوية في تيسير النحو العربي اليوم؛ مهمة أتركها للنحاة والأدباء واللغويين فلست من أهل هذا الشأن.
هـ- ومما ظهر لي من خلال هذه الدراسة أن معنى الدليل عند الظاهرية، أصل ما يزال يحوطه الكثير من الغموض واللبس، ولذا اقترح على الباحثين الحزميين تعميق البحث في هذا الموضوع، وتجليته لتستفيد منه الدراسات الأصولية المعاصرة اليوم، لاسيما وأن الظاهرية قد استعاضوا بهذا الأصل عن القياس، فأغناهم.