للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأسهم المختلطة - حكم تداول أسهم الشركات المتعاملة ببعض المعاملات غير المشروعة]

المؤلف/ المشرف:إبراهيم السكران

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:وهج الحياة للإعلام - الرياض ̈بدون

سنة الطبع:بدون

تصنيف رئيس:فقه

تصنيف فرعي:عقود مالية - بيوع منهي عنها

النتائج

توصلنا في ختام هذا البحث إلى بعض النتائج المهمة:

١ - أنه لا يمكن الجزم بنقاء الشركات المدرجة في القوائم النقية طبقاً للمعهود المستفيض من تعاملاتها وعقودها، وأن أدق التفسيرات – والله أعلم – أن كافة الشركات المساهمة اليوم هي شركات مختلطة أصلاً لا تختلف في أصل وجود الاختلاط وعدمه، وإنما تختلف في نسبة المخالط بين (مخالط مغمور) و (مخالط غالب).

٢ - أن الشركات المختلطة إذا غلبت عليها التصرفات غير الشرعية في إدارة تمويلاتها واستثماراتها فإنه يحرم المشاركة فيها، أما إذا كانت التصرفات غير الشرعية يسيرة تابعة بالنسبة لأصل نشاط الشركة المباح فإنه تجوز المشاركة فيها، وهو اختيار الفقيه الشيخ ابن عثيمين وابن منيع وغيرهم من المحققين.

٣ - إن إصدار القوائم النقية والجزم بنقاء الشركة بناء على آخر قائمة مالية كالربع سنوية مثلاً يعتبر معياراً تحكمياً بلا دليل، حيث يتضمن (تحكماً زمنياً) في تعيين المدة الشرعية لنقاء الأموال فجعلوها تطيب بمضي ثلاثة أشهر وتخبث بمثل ذلك! كما يتضمن (تحكماً موضوعياً) في تحديد التصرفات الخاضعة للفحص الشرعي، حيث لا يفحص في القوائم النقية إلا القروض والإيداعات الربوية فقط، ويتم التعامي عن كثير من العقود الأخرى غير المشروعة.

٤ - العلاقة بأصحاب الأموال والتصرفات المختلطة حصل فيها الخلط بين ثلاثة مراتب متفاوتة الأحكام والآثار ودرجة الاختلاف الفقهي، وهي: مرتبة عموم المعاملة، ومرتبة المشاركة بالحصة، ومرتبة المشاركة بالتصرف.

٥ - تحقيق مرتبة عموم المعاملة عائد إلى قاعدة (المحرم لعينه والمحرم لكسبه) فالمحرم لعينه هو المال المحرم لوصف يتعلق بذات المال كالخمر والميتة ولحم الخنزير والتبغ ونحوها من الأعيان الفاسدة فلا يباح حتى تطيب عينه. أما المحرم لكسبه فهو المال المحرم لوصف يتعلق بفعل المالك، مثل الربا والقمار والرشوة والمكوس والغلول وحلوان الكاهن ومهر البغي وهدايا العمال ونحوها من الأثمان المأخوذة بعقود فاسدة، فيباح للغير إذا انتقل إليه بعقد شرعي صحيح.

٦ - تباح عموم معاملة صاحب الأموال والتصرفات المختلطة بلا تفريق في نسبة المحرم في أمواله وتصرفاته هل هو حلال غالب أم حرام غالب؟ ذلك أنه من المعلوم بالضرورة من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وعامة أصحابه أنهم عاملوا اليهود والنصارى والمجوس والمشركين والمنافقين ممن ليسو مقتصرين على التهوك في الربا إقراضاً واقتراضاً فقط، بل لا يلتزمون بكافة ضوابط الشريعة في المعاملات والعقود أصلاً، وقد عاملهم النبي وأصحابه دون تفريق في نسبة المحرم إلى عموم أموالهم وتصرفاتهم.

٧ - التفريق في الشركات المختلطة بحيث يجوز العمل فيها وتحرم المشاركة في أسهمها لأنه إعانة لها على أكل الحرام يعتبر تفريقاً متناقضاً بلا فارق مؤثر معتبر، ذلك أن مطلق المعاملة يتضمن معنى المعاونة أيضاً، بل إن بعض صور المعاوضة أشد إعانة من المشاركة، فالإداري وموظف الأمن والمحامي والمحاسب أشد إعانة وإنجاحاً للشركة من المساهم المضارب.

٨ - لو كانت معاملة ومشاركة أصحاب الأموال والتصرفات المختلطة محرمة أو غير مشروعة، لكان أول من يتنزه عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث نجده قد شارك يهود خيبر في إنشاء شركة زراعية ولاهم التصرف فيها.

٩ - لو كان يجوز المشاركة مع الشريك الكتابي حتى ولو تعامل بالأموال المحرمة لأنه يستبيحها ويتأولها، بينما لا يجوز المشاركة مع الشريك المسلم المتعامل بيسير الأموال المحرمة لأنها محرمة عليه، لآل الأمر إلى أنه لا يجوز المساهمة إلا في الشركات الأجنبية التي يملكها غير المسلمين، أما شركات المسلمين فلا يجوز المساهمة فيها، وبالتالي تنمية الشركات الأجنبية وانهيار شركات المسلمين!

١٠ - أن الأصل في النيابة أن تسري تبعة التصرفات إلى المنوب عنه. إلا إذا شاب النيابة مانع ترتب عليه تخلف آثار النيابة التقليدية، والمتحصل في طبيعة المساهم قيام المانع وهو أن الأنظمة السارية التي سنها ولي الأمر منحت مجلس الإدارة صلاحيات التصرف وسلبت المساهم بصورته الفردية منها.

١١ - عوائد السهم ليست انعكاساً تاماً للتمويلات والاستثمارات اليسيرة المحظورة، بل هي خاضعة لحزمة واسعة من العوامل الاقتصادية، وبالتالي فإن التمويلات وفوائد الإيداعات المحظورة ليست المؤثر الوحيد على القيمة السوقية لأسهم الشركة.

١٢ - أن القول بجواز المساهمة في الشركات المختلطة ليس من باب الصواب المقابل للباطل، وإنما من باب الترجيح والموازنة بين أدلة الجواز وأدلة التحريم ذلك أن كلا القولين فيهما وجاهة وقوة لا تخفى.

والله تعالى أعلم بالصواب،،

<<  <  ج: ص:  >  >>