[آيات الصفات عند السلف بين التأويل والتفويض من خلال تفسير الإمام الطبري]
المؤلف/ المشرف:محمد خير محمد العيسى
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:دار البيارق - الأردن ̈الأولى
سنة الطبع:١٤٢٠هـ
تصنيف رئيس:تفسير
تصنيف فرعي:أسماء وصفات - تأويل وتفويض وتعطيل
الخاتمة: الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات وله المنة على عطاياه التي لا تعد ولا تحصى والشكر على ما أنعم به علي فأعانني على إتمام هذه الرسالة في موضوع من أدق الموضوعات وفي دراسة لآيات الصفات من خلال كتاب من كتب السلف رضوان الله عليهم وهو (جامع البيان عن تأويل آي القرآن) ولعالم حافظ فقيه ورع تقي هو الإمام محمد بن جرير الطبري رحمه الله تعالى – وقد تبين لي من خلال هذه الدراسة أن عقيدة التوحيد الإسلامية لا تدع مجالا لأي تصور بشري عن ذاته سبحانه وتعالى إذ يتعالى عن الكيف فعله فالله سبحانه ليس كمثله شيء ومن ثم لا مجال للتصور البشري لينشئ صورة عن ذات الله تعالى فكل التصورات البشرية إنما تنشأ في حدود المحيط الذي يستخلصه العقل البشري مما حوله من أشياء. فإذا كان الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء توقف التصور البشري إطلاقاً عن إنشاء صورة معينة لذاته، ومتى توقف عن إنشاء صورة معينة لذاته العلية فإنه يتوقف تبعا لذلك عن تصور أن لأفعاله جميعها كيفيات ولم يبق أمامه إلا مجال تدبر آثار هذه الأفعال في الوجود من حوله وهذا هو مجاله) [في ظلال القرآن – سيد قطب ٣/ ٥٢٤ - ٥٢٥. بتصرف] الذي عليه أن يعمل عقله فيه. وقد توصلت من خلال هذه الدراسة إلى النتائج التالية:
١ - تبين لي من خلال دراستي التي قدمتها أن الإمام ابن جرير الطبري كان من السلف بحسب التعريف الذي قدمته مولدا ووفاة وهو من الأجيال التي شهد لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيرية والفضل (أهل القرون الثلاثة).
٢ - تبين لي أن الحنابلة قد تعصبوا على محمد بن جرير الطبري لموقفه من الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وتصنيفه له بأنه من علماء الحديث وليس من الفقهاء في كتابه (اختلاف الفقهاء) مما حدا بهم إلى أن يشنوا حملة رهيبة ضده تزعمها أبو بكر بن أبي داوود السجستاني والذي لا يساويه لا في العلم أو الفضل ولا في التقوى كما بينت في بحثي.
٣ - تأثير هذه المحنة التي أوقد نارها الجهلة والمجسمة من الحنابلة على تفسيره مما أدى إلى أن يجاملهم ذلك الإمام بعض المجاملة فأدخل في تفسيره بعض كليمات كما ذكر بعض العلماء مثل المحدث محمد زاهد الكوثري، في كتابه السيف الصقيل ومقالاته.
٤ - أن الإمام الطبري كان مؤولا لآيات الصفات تارة ومفوضا تارة أخرى ولم يكن مجسما أو مثبتا إثباتا يقوده إلى التجسيم وقد نقلت من تفسيره ما يثبت هذه النتيجة.
٥ - أن السلف جميعاً كانوا يؤولون ما يحتاج إليه تأويل من آيات الصفات ويفوضون عندما لا تدعو حاجة للتأويل كما كانوا يفعلون ذلك في كل ما ورد من هذه الصفات في السنة المطهرة ولم يكن السلف متفقين في نظرتهم لهذه الصفات فابن عباس كان يؤول بعض الصفات وكذلك مجاهد ومقاتل والبخاري وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل وغيرهم. كما أن بعضهم كان يفوض كما روى ذلك الترمذي في سننه أنهم كانوا يمرونها كما جاءت دون الخوض فيها.
٦ - أن من أول في آيات الصفات كان مراده تنزيه الله تعالى عن مشابهة الحوادث وأنه في ذلك التأويل لم يكن مبتدعا ولا ضالاً بل هو على منهج من أول من السلف في آيات الصفات وليس لأحد أن يرمي أولئك الذين أولوا في آيات الصفات بما يوافق أصول الاعتقاد وتحتمله اللغة بالضلال والبدعة وليس لأحد أن يكفرهم كما يقع في بعض من لم تتسع دائرة معلوماته ولم يطلع اطلاعا تاماً أو شاملاً على أقوال أهل العلم حسب الإمكان، وهؤلاء أيضا لا شأن لهم إلا الخوض في لحوم علماء الأمة والطعن بأهل الحق.
٧ - أن الإمام الأشعري رحمه الله تعالى وهو من السلف الصالح كان إمام هدى ينافح عن القرآن والسنة ويذب عنهما، وأنه لم يخرج عما كان عليه السلف من التفويض والتأويل وليس كما يصفه البعض بل هو من أهل الحق الذين أوضحوا العقائد وردوا عنها بدع المتكلمين وزيغ أهل الفلسفة بما جلبوه من فكر اليونان وغيرهم.
٨ - أن علماء التفسير جميعاً قد أولوا في كثير من آيات الصفات لأن من النصوص القرآنية ما لا يمكن فيه إلا التأويل كما سبق وبينت