للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ضوابط الرواية عند المحدثين]

المؤلف/ المشرف:الصديق بشير نصر

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:منشورات كلية الدعوة الإسلامية - طرابلس ̈الأولى

سنة الطبع:١٤٠١هـ

تصنيف رئيس:علوم حديث

تصنيف فرعي:منهج النقد عند المحدثين - سند ومتن

الخاتمة

الحمد لله الذي أنعم علي فكان هذا من نعمائه.

والصلاة والسلام على النبي الكريم، الذي بلّغ عن ربّ العالمين فأحسن البلاغ، وعلى آله وصحبه الأماجد الذين نقلوا لنا هذه الشريعة فصانوها من كيد الكائدين، وتربّص المتربصين وبعد،

فقد ضبط المحدثون روايات الحديث، ووضعوا لها أصولها وقواعدها، ولزموا صحيحها وطرحوا سقيمها، ولم يقنعوا إلاّ بمنهج كامل متفرد، وكان حالهم كما قال أبو الطيب المتنبي:

إذا غامرت في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم

لذلك لا يملك الناظر في منهجهم إلاّ الإكبار والإعجاب.

وقد حاولت جهدي أن أظهر مواطن العبقرية والتفوّق في هذا المنهج الفريد. ورددت من خلال عرضي لهذا المنهج على بعض الافتراءات والأباطيل التي رمي بها هذا المنهج، وسعيت لأن يكون جادًّا بعيداً عن الردود العاطفية التي لا تجدي في هذه المواقف فتيلاً، وبذلك ظهر هذا البحث وقد امتلأ بالمناقشات والردود التي أحسب أنها سيستمتع بها القارئ الكريم.

ـ ففي الفصل الأول من الباب الأول بينت تهافت قول المستشرقين إنّ المحدثين لم يشغلوا أنفسهم بنقد المتون، وانصرفوا إلى نقد الأسانيد فقط، بحيث صار همهم النظر في الأسانيد لا المتون وأتيت على هذه الفرية بأدلة قاطعة لا يمكن ردّها وجعلت ذلك في عدة وجوه منها: أنه لا تلازم بين صحة السند وصحة المتن، وذلك ما قرره علماء الحديث، ومنها: أن أهل الحديث لم يفرقوا هذا التفريق الظاهر بين صحة السند وصحة المتن، وذلك لأنهم يعالجون السند والمتن معاً، وبسطت الكلام في بيان تهافت هذه الفرية في إحدى عشر دليلاً. وفضلاً عن ذلك فقد بيّنت أن المحدّثين اهتموا بالمتن أيضاً، ويظهر ذلك في وضعهم بعض الضوابط التي يعرف بها الحديث الموضوع دون النظر في سنده أوصلها ابن القيم رحمه الله في (المنار المنيف) إلى ثلاثة عشر ضابطاً.

ـ ثم عرجت على شبهتين أخريين، الأولى: دعوى أن مخالفة النص للعقل تقدح فيه مطلقاً، فبينت فساد هذه الشبهة في سبع نقاط لا أظن أنّه يبقى معها شك لشاك أو ريبة لمرتاب، والثانية: قول بعض المستغربين من أبناء أمّتنا: إن خير مقياس يقاس به الحديث، وتقاس به سائر الأنباء التي ذكرت عن النبي صلى الله عليه وسلم هو العرض على القرآن فما وافقه فهو منه صلى الله عليه وسلم، وما خالفه فليس منه، مستدلاً على ذلك بحديث موضوع، فبينت فساد هذا الزعم وإنه لا يستقيم مع النظر.

ـ وفي الفصل الثاني من الباب الأول رددت على الافتراء القائل بأن الصحابة قد ساهموا في وضع الأحاديث، وبينت فساد هذا الادعاء الذي روّج له جولد تسيهر ومن جاء بعده.

ـ وفي الفصل الثالث من الباب الأول تكلمت عن ظاهرة الحفظ عند العرب والمسلمين، وبينت أسبابها ورددت من خلالها على من ينكر هذه الظاهرة.

ـ وفي الفصل الأول من الباب الثاني تكلمت عن الرحلة في طلب الحديث وأهميتها وآدابها، ورددت من خلال ذلك بشكل مطوّل على أباطيل جولد تسيهر في الرحلة، وتتبعت كل شبهة قالها في الفصل الذي عقده لذلك من كتابه دراسات محمدية.

ـ كما عقدت فصلاً كاملاً للمستشرقين والحديث الشريف، وهو الفصل الأول من الباب الثالث، وفي هذا الفصل عرضت كتاب جينبول (توثيق الأحاديث) وتكلمت من خلاله على منهج المستشرقين في كتابتهم عن الحديث النبوي، وقصدهم من وراء تلك الكتابات، وبينت تحامله على المنصفين العدول من علماء المسلمين في هذا العصر لذبّهم عن سُنّة المصطفى، وكيله الثناء والإطراء للمستغربين المسلمين من صنائع المستشرقين.

ثم عرضت كتاب جولد تسيهر (دراسات محمدية)، وبينت فساد بعض مفاهيمه التي أوردها فيه، وكانت لي بذلك وقفة نقدية طويلة معه، وحرصت على نقده في المواطن التي لم ينتقد فيها، وأمّا المواطن الأخرى التي اشتهر انتقاده فيها فقد كفانيها بعض علماء هذه الأمة الغيورين.

ـ وفي الفصل الثاني من الباب الثاني كانت لي عودة إلى جولد تسيهر، مبيناً فساد قوله ونقله فيما يخص الصحيحين.

وأخيراً، لولا ضيق الصدر وانقطاع الصبر لتتبعت هذا المستشرق في كل مواطن كتابه لأبين هزيل فكره وسقيم رأيه، وإنه لا يعدو سقط المتاع، وأسأل الله أن يمكنني منه في موطن آخر من مواطن الفكر والمعرفة.

وفي الختام. أسأل الله الصفح والغفران، فيما زلّت فيه قدمي، وانحرفت فيه عن جادة الحقّ قلمي، فهو وحده جابر العثرات ومبرئ العلاّت.

<<  <  ج: ص:  >  >>