٩ - إن الناظر في أقوال كثير من المتأخرين القائلين بجواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال يتبين له أنهم لا يعنون بفضائل الأعمال فضائل وردت في أحاديث ضعيفة لأعمال ثابتة أصلاً، بل يعنون بذلك أعمالاً زعموا فضلها بإدراجها تحت أدلة عامة، وجوزوا بل استحبوا العمل بها اعتماداً على ما ورد فيها من أحاديث ضعيفة. فقولهم: يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال؛ أي يعمل بالخصلة التي رغب فيها هذا الحديث الضعيف – ولو لم ترد من طريق ثابت – لثبوت أصلها في الجملة.
١٠ - لابد من التفريق بين الحكم على عمل ما بأنه بدعة وبين الحكم على فاعله، فيتعين النظر في حال من وقعت منه البدعة والحذر من التسرع في التبديع، فالحكم على مسألة ما بأنها بدعة لدلالة النصوص والقواعد الشرعية على ذلك لا يعني مطلقاً اتهام من يقول بها أو يفعلها بأنه مبتدع.
١١ - بعض المسائل استدل لها بأحاديث ضعيفة، ولم أقف على دليل ثابت على مشروعيتها، لكني لم أجسر على الحكم عليها بأنها بدعة، إما لأنني لم أقف على من قال ببدعيتها من أهل العلم رغم اشتهارها، أو لكون أدلتها محتملة ولم يتبين لي القول الراجح فيها. ومن تلك المسائل:
• قول: (الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني) بعد الخروج من الخلاء.
• الاتكاء على الرجل اليسرى عند قضاء الحاجة.
• اتخاذ المحراب في المسجد.
١٢ - ذكر بعض أهل العلم عدداً من المسائل على أنها من البدع، وقد تبين لي من خلال هذا البحث خلاف ذلك، إما لثبوتها في السنة أو عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم، ومن ذلك:
• صلاة ركعتين للحاجة دون تقييد بسور معينة أو دعاء مخصوص.
• صلاة ركعتين عند دخول المنزل وعند الخروج منه.
• قراءة القرآن على المحتضر.
• توجيه المحتضر نحو القبلة.
• حمل الجنازة من جوانبها الأربعة.
• الإحرام من بيت المقدس.
• مسح الوجه باليدين بعد استلام الحجر الأسود.
• الدعاء عند رمي الجمرة: اللهم اجعله حجاً مبروراً وذنباً مغفوراً.
١٣ - بعض الأدعية المقيدة اشتهر العمل بها بين الناس مع أنها لم ترد إلا في أحاديث ضعيفة أو لا أصل لها، فلا يشرع اعتقاد سنيتها والمداومة عليها لأنها لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومن تلك الأدعية:
• اللهم إن هذا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دعاتك فاغفر لي؛ عند سماع أذان المغرب.
• أقامها الله وأدامها؛ عند قول المؤذن: قد قامت الصلاة.
• اللهم أجرني من النار سبع مرات؛ بعد صلاة الفجر وصلاة المغرب.
• اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت؛ عند الإفطار.
• اللهم زد بيتك هذا تشريفاً وتعظيماً وتكريماً وبراً ومهابة ... ؛ عند رؤية الكعبة.
• اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم؛ عند استلام الحجر الأسود.
• اللهم اجعله حجاً مبروراً وذنباً مغفوراً وسعياً مشكوراً؛ في الطواف.
١٤ - الأدعية التي تقال على كل عضو من أعضاء الوضوء باطلة ومكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم.
١٥ - ما روي في رفع البصر إلى السماء عند ذكر الشهادتين بعد الوضوء لا يصح، فلا يشرع التعبد به.
١٦ - لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدخل الماء في عينيه في الوضوء، وقد نسب جماعة من أهل العلم إلى ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يفعل ذلك في الوضوء، والصواب أنه إنما كان يفعل ذلك في الغسل، ولم يكن يفعله في الوضوء كما أخبر بذلك نافع مولى ابن عمر.
١٧ - مسح الرقبة لم يثبت في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، فهو بدعة محدثة.
١٨ - ما روي في تقبيل الإبهامين مع السباحتين ومسح العينين بهما عند قول المؤذن: أشهد أن محمداً رسول الله؛ حديث باطل لا أصل له.