[الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى]
المؤلف/ المشرف:سعيد بن علي القحطاني
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:بدون ̈الأولى
سنة الطبع:١٤١٢هـ
تصنيف رئيس:دعوة ودعاة
تصنيف فرعي:دعوة - فقه أحكام وضوابط وتصورات
الخاتمة
الحمد لله الذي أعانني على إتمام هذه الرسالة على هذه الصّورة، فالفضل والمنّة له أولاً وآخراً، ?ولَهُ الحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (، ?الحَمْدُ لله الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ ومَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ (.
بعد هذه الرّحلة المباركة ـ إن شاء الله تعالىـ التي طُفت في خلالها بمفهوم الحكمة الصّحيح في الدعوة إلى الله تعالى وأنواعها، ودرجاتها، وأركانها التي تقوم عليها، ومعاول هدمها، وطرق ومسالك اكتسابها، ومواقف الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى، التي أعزّ الله بها الإسلام وأهله، وأذلّ بها الكفر والعصيان والنّفاق وأعوانها، وحكمة القول مع أصناف المدعوين على اختلاف عقائدهم وعقولهم وإدراكاتهم ومنازلهم، وحكمة القوة الفعلية مع المدعوين: الكفار، ثم عصاة المسلمين، أقول:
هذا ما منّ الله به، ثم ما وسعه الجهد، وسمح به الوقت، وتوصّل إليه الفهم المتواضع، فإن يكن صواباً فمن الله، وإن يكن فيه خطأ أو نقص فتلك سنة الله في بني الإنسان، فالكمال لله وحده، والنفص والقصور واختلاف وجاهت النظر من صفات الجنس البشري، ولا أدعي الكمال، وحسبي أني قد حاولت التّسديد والمقاربة، وبذلت الجهد ما استطعت بتوفيق الله ـ تعالىـ، وأسأل الله أن ينفعني بذلك، وينفع به جميع المسلمين، فإنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.
أما أهم النتائج التي أعانني الله ويسّر لي التوصل إليها في هذا البحث فمنها ما يلي:
١ـ إن الحكمة في الدّعوة إلى الله لا تقتصر علىالكلام اللّيّن والتّرغيب والرّفق والحلم والعفو الصّفح، بل تشمل جميع الأمور التي عُملت بإتقان وإحكام، وذلك بأن تنزل في منازلها الائقة بها، فيوضع القول الحكيم والتّعليم والتّربية في مواضعها، والموعظة في موضعها، والمجادلة بالتي هي أحسن في موضعها، ومجادلة الظّالم المعاند، والمستكبر في موضعها، والزّجر والغلظة والقوّة في مواضعها، وكلّ ذلك بإحكام وإتقان، ومراعاة لأحوال المدعوين، والواقع والأزمان والأماكن، في مختلف العصور والبلدان، مع إحسان القصد والرّغبة فيما عند الكريم المنان.
٢ـ إنّ الدّاعية الحكيم هو الذي يدرس ويعرف أحوال المدعوين: الاعتقادية، والنفسية والاقتصادية، والاجتماعية، والعلميّة، ويعرف مراكز الضّلال ومواطن الانحراف، وعاداتهم ولغتهم ولهجاتهم، والإحاطة بمشكلاتهم، ومستواهم الجدلي، ونزعاتهم الخلقية، والشُّبه التي تعلق بأذهانهم، ثم ينزل الناس منازلهم ويدعوهم على قدر عقولهم وأفهامهم، ويُعْطِي الدّواء على حسب الداء.
٣ـ إن النبي e هو القدوة الحسنة للدُّعاة الحكماء، فقد كان يُلازم الحكمة في جميع أموره، وخاصة في دعوته إلى الله ـ عزّ وجلّ ـ، وهذا من فضل الله عليه وعلى أتباعه، فقد أرسل جبريل ففرج صدره ثم غسله بماء زمزم، ثم أفرغ في صدره طستاً من ذهب ممتلئٍ حكمةً وإيماناً، وأقبل الناس، ودخلوا في دين الله أفواجاً بفضل الله ثم بحكمة هذا النبي الكريم، وما من خلق كريم ولا سلوك حكيم إلا كان له منه أوفر الحظّ والنصيب.
٤ـ إنّ أحسن الطّرق في دعوة الناس ومخاطبتهم ومجادلتهم طريقة القرآن الكريم، وطريقة النبي e، وسوق النصّ القرآني والحديث النبوي في ألصق الأمور مساساً بها من أعظم الحكم التي من أوتيها فقد أوتِيَ خيراً كثيراً.