الناشر:لجنة الدفاع عن عقيدة أهل السنة – فلسطين ̈بدون
سنة الطبع:بدون
تصنيف رئيس:سياسة عالمية
تصنيف فرعي:فلسطين - تاريخ وقضية
خاتمة:
فلسطينيو العراق شتات جديد وهجرة متكررة.
يبدو أن قدر الفلسطيني في التاريخ المعاصر والعقود الستة المنصرمة الشتات والتهجير وتذوق ألوان المآسي وشظف العيش، وهذا حال المسلم وصاحب القضية في دنيا المحن والابتلاءات، فأكثر من ستة ملايين فلسطيني يعيشون بعيدا عن أرضهم وديارهم هجروا وشردوا على مراحل وبطرق وأساليب منوعة وبأشكال متعددة منذ النكبة الأولى عام ١٩٤٨ وما تبعها ولغاية عام ٢٠٠٦ والمشهد مازال يتكرر هنا وهناك لكن بحقائق مرة, وأوجه أنكى, وأكثر مأساوية من سابقاتها.
إن قلة قليلة من الفلسطينيين الذين تركوا ديارهم مضطرين ومكرهين أثر نكبة عام ١٩٤٨ وصلوا إلى العراق, على أمل أن تكون محطة ثم يعودوا إلى قراهم ومساكنهم بعد أسبوعين أو ثلاثة!!! , هذه القلة تتكون من ٨٨٦ عائلة بنحو (٣٠٠٠ - ٥٠٠٠٠ شخص) خرج غالبيتهم وبنسبة (٨٠%) من قرى مثلث الكرمل الصغير جنوب حيفا (إجزم ٣٣%، وجبع ٢٩%، وعين غزال ١٨%) و١٥% من القرى الأخرى المحيطة بحيفا (كفر لام والمزار وعتليت وصرفند وأم الزينات وطنطورة وعين حوض والطيرة) و٤% من يافا و١% من نفس حيفا.
تلك العوائل كانت تعيش بأمن وسلام على أرضها لكن سرعان ما تعرضوا للشتات وكان مآلهم ونصيبهم أن يقطنوا بلاد الرافدين والرضى بالواقع الجديد إذ تعايشوا مع العراقيين وتآلفوا معهم واندمجوا في مجتمعهم واكتسبوا الكثير من صفاتهم وتقاليدهم وعاشوا أفراحهم وأتراحهم لأكثر من خمسين عاما، لا سيما وأن أكثر من ٨٠% من فلسطينيي العراق اليوم هم من مواليد العراق، لكن بعد احتلال العراق عام ٢٠٠٣, وحدوث تغيير جذري في طبيعة وتركيبة وديموغرافية العرق, وكذلك التغيير في سياسة وتعامل وعلاقة شرائح واسعة من المجتمع العراقي، وكل هذا انعكس سلبا على الوجود الفلسطيني وبدأت مرحلة جديدة ومريرة من الشتات والانتقال لكن لوجهة غير محددة ومكان غير معلوم ومصير مجهول على خلاف هجرة الآباء والأجداد الأولى.
بدأت هذه الرحلة والحقبة المظلمة بطرد وتهجير أكثر من ٤٠٠ عائلة فلسطينية من مناطق مختلفة من بغداد وبمبررات طائفية وأحقاد وضغائن عنصرية قديمة وبعضها لأغراض مادية محضة واستغلال الوضع الأمني المنفلت، لتسكن تلك العوائل في مخيم أقيم لهم على ساحة لكرة القدم في نادي حيفا الرياضي في مجمع البلديات، وخرج عدد أكبر منه نتيجة التدهور الخطير وانعدام الأمان نحو الحدود العراقية الأردنية على أمل الدخول إلى الأردن، تقول منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها المنشور عن الفلسطينيين في العراق في شهر سبتمبر/ أيلول ٢٠٠٦ (لقد أدت الهجمات التي استهدفت اللاجئين الفلسطينيين العراقيين عام ٢٠٠٣ إلى تشريد الآلاف منهم داخلياً، إضافة إلى فرار المئات إلى الأردن. وقد أغلق الأردن حدوده في البداية، ثم سمح بدخول عدة مئات منهم إلى مخيم الرويشد المعزول القاحل الذي يقع على مسافة ٨٥ كم داخل الحدود الأردنية. أما بقية الفلسطينيين العراقيين فظلوا أكثر من سنتين في مخيم الكرامة الذي لا يقل قسوة, والواقع داخل المنطقة العازلة على الحدود العراقية الأردنية، إلى أن قامت السلطات الأردنية بإغلاقه عام ٢٠٠٥ ونقلهم إلى مخيم الرويشد. وخلال السنوات الثلاث الماضية، كان عدة مئات من الفلسطينيين بمثابة سجناء في مخيم الرويشد. وقد فضل قرابة ٢٥٠ منهم العودة إلى الوضع الخطير الذي كانوا يعيشونه في العراق على البقاء في المخيم دون بارقة أمل بإيجاد حل لمحنتهم).