في عام ٢٠٠٤ لم تكن هناك عمليات تهجير واسعة بحق الفلسطينيين إلا أعداد متفرقة من العوائل بحسب المناطق التي يتعرضون فيها لضغوطات فردية أو شعور بعدم الأمان. ومع ظهور ملامح الحكومة الطائفية الجديدة عام ٢٠٠٥ لم يبق الأمر على ما هو عليه إنما ازدادت حدة المضايقات والتعرض للفلسطينيين على الهوية وشملت حالات اعتقال واختطاف وتعذيب وقتل وتحريض إعلامي واسع مع اضطراب في الوضع الأمني وسيطرة الميليشيات على كثير من المناطق وبدعم حكومي لها مع تضييق في موارد كسب الرزق والقوت اليومي كل ذلك أدى لعمليات نزوح وانتقال وهجرة داخلية في الغالب لأكثر من ٢٠٠ عائلة من مناطق متفرقة من بغداد.
قد يقول قائل إن ما يعانيه الفلسطيني هو نتاج وضع عام ومستجد طرئ على الكل داخل العراق, بما فيهم العراقيين فهم يعانون كذلك، بمعنى أن الفلسطيني هو ضمن حالة شاملة فلماذا هذا التخصيص والتظلم والاستثناء؟ فهذا تساؤل وارد ومطروح لكن لابد من إزالة الإشكال وبيان الحال والوقوف على حقيقة الأمر والصورة المخفية على الجميع وذلك في عدة نقاط:
١ - إن الكلام والحديث بهذه الطريقة عن مدى مظلومية الفلسطينيين وما يتعرضون له من جرائم ومجازر متكررة لا يلغي الظلم الواقع على شريحة معينة وواسعة من العراقيين.
٢ - إن الفلسطينيين في العراق أقلية ولا يتجاوز عددهم الآن بعد المجازر والتهجير المتكرر ١٨٠٠٠ شخص.
٣ - إن الفلسطينيين في العراق من أكثر الأقليات عرضة للانتهاكات.
٤ - إن وجود الفلسطينيين في العراق اضطراري وليس بمحض إرادتهم لكن الظروف ومجريات الأحداث فرضت عليهم ذلك.
٥ - إن الفلسطينيين في العراق لاجئون ولهم حقوق تكفلها لهم القوانين الدولية، لذلك يجب التعاطي مع قضيتهم من ذلك المنطلق.
٦ - الفلسطينيون في العراق ليس لهم وضع قانوني واضح, فلا يعرفون أنفسهم أهم لاجئون, أم مقيمون, أو وافدون, أم هجرون؟!! إذ انتزعت منهم صفة الإقامة الدائمة, وأصبحوا يعاملوا معاملة الأجنبي غير المقيم, بدلا من معاملتهم كلاجئين معترف بهم.
٧ - العراقي إذا تعرض إلى ظلم أو تضييق أو اضطهاد فبإمكانه مغادرة البلاد وله بدائل كثيرة, أما الفلسطيني فلا يتمكن من المغادرة إلا إلى الصحراء ولا يسمح له دخول أي دولة إلا حالات فردية نادرة!!!.
٨ - العراقي إذا فقد الأمن والأمان في منطقة فله بدائل عدة في الانتقال إلى محافظة أخرى, أو مدينة, أو قرية, أو منطقة أكثر أمنا وأمانا، أما الفلسطيني فلا يمكنه ذلك لصعوبة تنقله وتحركه داخل البلاد.
٩ - العراقي إذا تعرض لمعاناة فبإمكانه اللجوء إلى عشيرته أو أقربائه للتخفيف عنه أو إيجاد حلول له بحسب التركيبة العشائرية لعموم العراقيين، أما الفلسطيني فلا.
١٠ - العراقي بإمكانه في الغالب الاستعانة أو الانتماء أو طلب الاستجارة من أي جهة أو فئة أو تنظيم أو حزب بحسب التقسيمات الجديدة، أما الفلسطيني فلا.
هذه الأمور والقضايا بمجملها مجتمعة أو متفرقة تضاف إلى طبيعة المعاناة والاستهداف المستمر لفلسطيني العراق، تجعله يمر بمحنة ومأساة تفوق كل ما يتعرض له أهلنا وأحبتنا في العراق الجريح.