خاتمة: يتساءل الكثيرون من أين نبدأ؟ كيف نبدأ؟. ويبحث الكثيرون عن الإجابة هنا وهناك، ويضربون في كل اتجاه. والطريق ممدود أمامهم صراطاً مستقيما، والله سبحانه وتعالى وضع لهم النهج وعرف لهم الصراط المستقيم، بداية ودربا وهدفاً. مع المنهاج الرباني: إيمانا وعلما وممارسة، ومع دراسة الواقع البشري حتى تتضح وسائل الممارسة وأساليبها، مع هذين الزادين تكون البداية والمسيرة، قضية حياة ومهمة عمر لا تتوقف. وعلى هاتين القاعدتين يقوم النهج والتخطيط والفكر والتصور، والجهد والعمل، ومنهما يكون المنطق.
إن الله سبحانه وتعالى لم ينزل كتابه العزيز ليشقى الناس به، ولا ليكون عقبة، ولا ليوجد حرجا. {طه مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى}[طه ١ - ٤]، لقد أنزل الله سبحانه وتعالى منهاجه الرباني رحمة للعالمين، ونورا وهداية وشفاء، فهو يسر لا يجد المؤمن معه حرجا:{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ}، لا بد من أن تستقر هذه الحقيقة في القلوب والصدور، ولا بد من الإعادة والتكرار من أجل ذلك. فلقد هجر من كتاب الله وسنة نبيه هجراناً طويلا، هجرانا امتد قرونا من النكبات والابتلاء. ولقد كان من أثر هذا الهجران أن أصبحت الأمور البدهية تحتاج إلى شرح وتعليل وإلى إعادة وتكرار، وإلى دراسة وبحث وعلى قدر ما كان الهجران طويلا، سيكون كذلك الجهد والإعداد والتعليل.
ولا سبيل أخرى لمن أراد النجاة! سيحاول الناس مذاهب شتى تخرج من عصارة جهد بشري، حتى لو حملت شعارا إسلاميا، ولكن هذه المحاولات كلها لن تزيد الناس إلا ابتلاء وبلاء، لا سبيل أخرى! فالسبيل هو العودة المنهجية إلى كتاب الله وسنة رسوله منهاجا ربانيا، يبدع الجهد البشري في ميدان التدبر والفهم على بصيرة وإيمان، ويبدع الجهد البشري في ميدان الممارسة الإيمانية والعمل الصالح، حين يقوم هذا كله على: إيمان مشرق وعلم صادق، وموهبة غنية، وخبرة وتجربة.
لذلك حاولنا في هذا الكتاب رسم النهج العملي على أساس من منهاج الله، وأساس من الواقع الذي نعيشه.
وإنا ندعو الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا العمل طاهرا نقيا، خالصا لوجهه الكريم، مقبولا عنده، فذلك أعلى ما نتمناه، وأغلى ما نسعى إليه. ونتوب إلى الله سبحانه وتعالى من كل ذنب، ونستغفره من كل زلل ونسأله العفو والعافية، والنجاة في الدنيا والآخرة، إنه هو المولى، وهو الولي الحميد.