١١ - بقراءة كتبه وتحرير أقواله في العقيدة وجدته – رحمه الله – سلفيا صرفاً وحديثيا محنكاً. فلم أجد له مسألة واحدة خالف فيها السلف أبداً. وبهذا أقطع وأجزم من خلال تتبع واستقرار لأكثر كتبه.
١٢ - أن القارئ لمؤلفات الحافظ ابن رجب، المتنوعة في فنون عديدة ليعيش في دوحة علم، بين قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وجاء عن أبي بكر وورد عن عمر، ووقع لعثمان، ونقل عن علي، وعليه عمل فلان وفلان من الصحابة، ونقول عن كبار التابعين، وتابعيهم بإحسان، وأحوال أهل الصلاح والزهد والورع من كبار العلماء والعباد.
يقرأ ذلك في تناسق بديع، وتناسب عجيب، بين الأقوال، وعرضها المتناسب لبعضها مع بعض، مع جودة التأليف بين الأقوال والمناقشة عليها، لأجل هذا – والله أعلم – ناسبت كتبه الحافظ ورسائله عموم الناس، عامتهم وخاصتهم، علمائهم وطلاب العلم منهم، وعوامهم.
١٣ - أيضاً لا يفوتني الإشادة بالسمات الشخصية للحافظ ابن رجب وشخصيته العلمية، والتي اتسمت بالأمانة العلمية، والتجرد لطلب الحقيقة، والبحث عن القول المدلل بأدلة الوحيين، وحسن مناقشته للأقوال المخالفة للدليل اجتهادا، وتأدبه مع أصحابه، واستصحابها لحسن النية والظن بهم، والترحم عليهم والدعاء لهم.
كذا عدم التعصب لرأيه أو لقول شيخه، أو من ينقل عنه، وتظهر عنايته بالحديث وتخريجه، والكلام على الروايات صحيحة وضعفا تخريجاً وتعليلاً واستنباطاً، حتى ربما غلب عليه ذلك في البحث فكأنك أمام مؤلف في الحديث وصناعته.
وبعد فإني أوصي إخواني وأساتذتي الباحثين طلاب العلم بالاهتمام بدراسة مناهج الأئمة من السلف الصالح للتعرف على جهودهم وأحوالهم المشرفة في تمثيل العقيدة الإسلامية بأنفسهم قبل دعوتهم إليها ولأجله كانوا ملوك الدنيا، وأوصيهم بالاهتمام بهذا العلم الرباني، ولا يغررهم كونه مجهول القدر، قليل الذكر كما أوصي بإخراج باقي كتبه، والتي لم تزل حبيسة الخزائن والرفوف، والتي حوت علماً عظيماً ونقولاً عن السلف فريدة، كفتح الباري، وعند الهمة في إخراجها أن تخرج بثوب قشيب يؤدي الغرض من إخراجها والانتفاع بها، وتقريبها إلى الناس كلهم عامتهم وخاصتهم بما يناسب الجميع من إفراد لرسائله العاملة، وجمعها للخاصة.
وأخيراً أقول إن شخصية الحافظ ابن رجب ومنهجه في العقيدة، تحتاج إلى جهد أكبر من هذا لانغلاق كثير من القضايا على مثلي، فياليت باحثينا الأكفاء يلتفتون إلى هذا، وهذه الدراسة خطوة على هذا الطريق لم تتم بالمقصود.
هذا ما لزم التنويه إليه عند خاتمة البحث مع اعتراف بالتقصير لكن هذا ما قدمت يداي – الله أسأل التوفيق والسداد والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.