للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تحقيق الصنعة في بيان أحكام القرعة]

المؤلف/ المشرف:صالح بن محمد المزيد

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:بدون ̈الأولى

سنة الطبع:١٤١٣هـ

تصنيف رئيس:فقه

تصنيف فرعي:فقه - أحكام مسائل فقهية منوعة مفردة

الخاتمة

من خلال جمع ودراسة المادة المتعلقة بالقرعة: تبين لي أنها أقرب إلى كونها حكم شرعي يركن إليه عندما يتعذر تمييز الحق من كونها وسيلة غير ملزمة يراد بها ترضية المشتركين في الحق المبهم، أو المجهول، أو المنسي، وأنه يصار إليها عند فقد الأدلة والبيانات المرجحة، وغموض الأمر، وحصول الإشكال في تعيين الحقوق.

فبالقرعة يكون حال الناس عند التنازع أقر إلى الصلاح: لظهور أمارات العدل في استعمالها باعتبار أنها تجري في كل مشكل.، وهي حجة تفيد تعيين الحق ظاهراً: كالشهادة، والنكول ونحو ذلك مما لا يوقف معه على حقيقة الأمر، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أقرع في خمسة مواضع:

أقرع بين الأعبد حين أعتقهم سيدهم عند موته فأعتق اثنين وهما الثلث من حق الميت، وأرق أربعة: وهم حق الورثة .. ، وأقرع بين الزوجات عند سفره بإحداهن .. ، وفي البدء باليمين إذا أكره الخصمان عليهما .. ، وعند تساوي حق الخصمين فيما تنازعوا فيه ولا بينة لأي منهما ترجح كفته على صاحبه .. ، وعند تساوي شهود الخصمين، وأرشد صلى الله عليه وسلم إلى الإسهام على من يؤذن بالناس عند المشاحة.،

والحنابلة أكثر المذاهب أخذاً بالقرعة يحكمونها في أمور كثيرة غير ما ذكر من قبل، ومن ذلك: القسم بين الشركاء في الوزن والقيمة وإذا استويا ... ، وبين الخصوم إذا ازدحموا عند الحاكم أيهم يتقدم .. ، وإذا اجتمع عراة ومعهم ثوب ليس لواحد منهم أقرع بينهم فمن قرع أخذه .. ، وإذا استوى اثنان في أهلية الإمامة وتشاحا أقرع بينهما.، وإذا دفن اثنان في قبر واحد واستويا في الصفات فإنه يقدم أحدهما إلى القبلة بالقرعة كما فعل معاذ بن جبل في امرأتيه .. ، وإذا اجتمع ميتان وبذل لهما كفنان، وكان أحد الكفنين أجود من الآخر، ولم يعين الباذل ما لكل منهما يقرع بينهما .. ،

ولو ادعى الوديعة اثنان فقال المودع: لا أعلم لمن هي منكما فإنه يقرع بينهما فمن قرع صاحبه حلف وأخذها. نص عليه أحمد .. ، ولو سبق اثنان إلى الجلوس بالإماكن المباحة: كالطرق الواسعة، ورحاب المساجد ونحوها لمعاش، أو غيره: يقدم أحدهما بالقرعة. وهذا هو المذهب .. ، ولو اجتمع اثنان بين نهر مباح، ولكل منهما أرض يحتاج إلى السقيا منه، وكانا متقابلين، ولم يمكن قسمة الماء بينهما: أقرع بينهما وقدم له القرعة .. ، وإذا مات عن زوجات، وقد طلق إحداهن طلاقاً يقطع الإرث، أو كان نكاح بعضهن فاسداً لا توارث فيه، وجهل عين المطلقة، وذات النكاح الفاسد: فإنها تعين بالقرعة والميراث للبواقي. نص عليه أحمد، والأولياء المستوون بالنكاح إذا تشاحوا: يقرع بينهم .. ،

ولو زوج وليان من اثنين، وجهل أسبق العقدين: يميز الأسبق بالقرعة فمن خرجت له القرعة فهي زوجته، ولا يحتاج إلى تجديد عقد. هذا ظاهر كلام الإمام أحمد في رواية حنبل، وإسحاق بن منصور .. ، لو زوج إحدى بناته من رجل، ثم مات الأب، ثم تبعه الزوج، ولو يعلم أين الزوجة: يقرع بينهن فأيتهن أصابتها القرعة: فهي التي ترثه. نص عليه أحمد في رواية حنبل وغيره .. ، ولو ادعى اثنان العقد على امرأة، وأنه السابق، ولم يقر أحدهما للآخر ثم ماتا: يقرع بينهما ويكون لها ميراث من تقع القرعة عليه .. ،

<<  <  ج: ص:  >  >>