عقد الاستصناع الذي تفرد باعتباره المذهب الحنفي وعليه العمل في جميع بلاد المسلمين حتى في المناطق التي يسودها غير المذهب الحنفي.
وليس هناك شيء أضر على الإنسان من زهده عما بيده ولو كان ذهبا والتلهف على ما في أيدي الغير ولو كان سكينا تغتال الدين والأنفس على حد سواء.
وقد رأينا خلال عرضنا لضوابط العقد في الفقه الإسلامي سعة هذا الفقه الذي لا يضيق الفقه عن استيعاب أحدث النظريات بل فيه منها ما هو أدق تصورا وأصدق معالجة في إعطاء الحوادث أحكامها.
وما علينا نحن الآن في هذا العصر إلا أن نعقد مجالس تضم كبار الفقهاء في العالم الإسلامي مع مجموعة من أصحاب الاختصاصات الأخرى كالاقتصاد والطب ممن عرفوا بالغيرة الدينية وصلاح السيرة وكمال الأخلاق ليكونوا خبراء في مجالس الفقهاء الذين يستنبطون من مصادر التشريع المختلفة أحكاما للحوادث الجديدة بدلا من المجهودات الفردية التي قد تخطئ وتصيب ويصبح إجماع هؤلاء العلماء ملزما لسائر المسلمين في شتى أقطارهم وبذلك نتخلص من فكرة الاقتباس والأخذ من القوانين الوضعية بحجة أن الفقه الإسلامي لا يوجد فيه حكمها وبذلك نسد الباب على هؤلاء المنهزمين نفسيا أمام بريق الحضارة الغربية ونخلص لأمتنا وديننا وتشريعنا وننال رضى ربنا سبحانه وتعالى بدلا من أن نبوء بغضبه من ترك تشريعنا والأخذ من غيرنا وبذلك نحقق الأصالة لأمتنا وتاريخنا بدلا من الظهور أمام الغير أننا أمة نعيش على فتات موائد الآخرين ونصبح تبعا لغيرنا بعد أن أراد الله لنا أن نكون إماما وقدوة للعالمين.
فيا للعجب من أمة يريد لها ربها الصدارة وتريد لنفسها العيش على الأعتاب والأبواب ذليلة خانعة.
ولقد قدمت في جهدي هذا المتواضع ما قد استطعت أن أفعله وسلكت طريقا لم أتعرض فيه لآراء ونظريات القوانين الوضعية رغبة مني في دفع اتهامات قد وجهت إلى بعض من سبقني حين تعرضوا لذكر الآراء القانونية بقصد مقارنتها وبيان فضل الشريعة السمحة على القوانين الوضعية، وفي مسلكي ومنهجي الذي سرت عليه لم أتعرض لشيء من الآراء القانونية بل اقتصرت في الرجوع على مصادر تراث الأمة الفقهي في مختلف مذاهبه التي أجمعت على قبولها الأمة الإسلامية لأدفع هذا النوع من التوهم عن هذه الدراسة الجديدة للفقه الإسلامي.
وقد حاولت جاهدا أن أذكر آراء الفقهاء الأربعة ولم أقتصر على مذهب واحد إلا في المسائل التي تفرد بها هذا المذهب من المذاهب الأخرى، ولم أذكر كلمة أن هذا قول الفقهاء وأعني به مذهبا واحدا بل حين أذكر هذه الكلمة إنما أريد بها فقهاء الأمة الأربعة – رحمهم الله تعالى -.
وإني لأرجو من الله تعالى في نهاية هذا البحث أن يكون عملي خالصا لوجهه وأن يكون ذخري وفي عداد حسناني يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وإني أعتذر عن أي خطأ صدر مني وأتمثل في ذلك قول الصديق رضي الله تعالى عنه حين قال: إن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان.