[العصرانيون بين مزاعم التجديد وميادين التغريب]
المؤلف/ المشرف:محمد حامد الناصر
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:مكتبة الكوثر - الرياض ̈الأولى
سنة الطبع:١٤١٧هـ
تصنيف رئيس:فكر إسلامي أو عربي
تصنيف فرعي:العلمانية والعلمانيون
الخاتمة
من خلال الأبواب السابقة تبين لنا أن الاتجاه المسمى (بالعصرانية) قد تبناه عدد من الكتاب المعاصرين، تستروا بالتجديد وفتح باب الاجتهاد لكل من هب ودب. وتبين لدينا أن هذا التجديد لديهم، يعني تطوير الدين على طريقة عصرنته عند الفرق المتحررة من اليهود والنصارى. وأن كتاباتهم جاءت حلقة من سلسلة طويلة في إثارة الشبهات والشكوك، منذ عصر المعتزلة وحتى العصر الحديث.
وأنها صدى لما يدور في الدوائر الغربية المترصدة للإسلام وأهله، وهم في كثير من الجوانب امتداد (للحركة الإصلاحية) التي ظهرت في تركيا والهند ومصر، على يد جمال الدين الأفغاني، ومدحت باشا، والسيد أحمد خان وأضرابهم.
وقد وجدنا أن التجديد عندهم يعني:
- هدم العلوم المعيارية، أي علوم التفسير وأصوله، وعلم أصول الفقه، ومصطلح الحديث.
- ويعني رفض الأحاديث الصحيحة جزئياً أو كلياً، بحجة المصلحة وظروف العصر الحاضر، ومن ثم الاستهانة بحملة السنة من الصحابة والتابعين.
- ويعني الانعتاق من إسار الشريعة إلى حمأة القوانين الوضعية التي تحقق الحرية والتقدم كما يزعمون. ولذلك أصروا على أن الإسلام لا يوجد فيه فقه سياسي مجدد، وإنما ترك ذلك لرأي الأمة، ولذلك هاجموا الفقه والفقهاء بلا هوادة.
- والتجديد عندهم يعني فتح باب الاجتهاد، بحيث يكون فيه لكل مسلم نصيب، أي أن يكون الفقه لديهم فقهاً شعبياً، فدعوا إلى اجتهاد جماعي شعبي، وليس من شروط المجتهد – عندهم – أن يكون له علم بالقرآن والسنة واللغة والأصول، لأن مجال الاجتهاد هو أمور الدنيا، وإنما يشترط أن يكون المرء (مستنيراً، عقلانياً تقدمياً ثورياً)، وذلك من أغرب الأقوال في الاجتهاد.
- وقد دعوا إلى التقريب بين الأديان والمذاهب، وهونوا من شأن الجهاد، وقصروه على جهاد الدفاع فقط.
- وتميزت العصرانية، بتتبع الآراء الشاذة، والأقوال الضعيفة واتخاذها أصولاً كلية، وروادها رغم اتفاقهم على هذه الأصول في الجملة، فإن آراءهم تختلف عند التطبيق، والهدف عندهم هدم القديم أكثر من بناء أي جديد.
- ولذلك لجأوا إلى تزوير التاريخ الإسلامي، ومجدوا الشخصيات والأفكار المنحرفة.
- ودأبوا على محاولاتهم لتطويع الإسلام بكل وسائل التحريف والتأويل والسفسطة، كي يساير الحضارة الغربية فكراً وتطبيقاً، ومن هنا كان ولاؤهم للغرب وليس للإسلام وأهله وتراثه الأصيل.
- ومن أكبر ما يمتاز به فكر وكتابات وأحاديث العصرانيين، العمومات والغموض والتمويه المتعمد والتلبيس ...
ولابد لدعاة التجديد العصرانيين، من وضع النقاط على الحروف، ولابد أن تكون لديهم الشجاعة الكافية، في إبداء ما يريدون تجديده وتغييره من أمر الدين، بدلاً من المراوغة والتلاعب بالألفاظ .. ).
وما تقدم ليس اتهاماً وإنما تجده مبثوثاً في ثنايا هذا الكتاب، بنقول كثيرة من أقوال العصرانيين أنفسهم.
اللهم ألهمنا الإخلاص والصواب، وجنبنا الزلل والخطأ إنك على كل شيء قدير. والحمد لله رب العالمين.