درسنا في هذه الورقة إمكان استخدام عقد الإجارة بتعريفه، وشروطه، وأنواعه، المعروفة في الشريعة الإسلامية، أساسا لإصدار أدوات مالية قابلة للتداول. مما يعتبر أصلا رئيسيا من أصول إقامة سوق إسلامية مالية.
وقد أسمينا هذه الأدوات المالية سندات الإجارة والأعيان المؤجرة مراعاة للتشابه فيما بينها وبين سندات القرض، من حيث الأغراض التي تحققها، والمنافع التي يحصل عليها حامل السند. وكذلك من حيث استقرار العائد، والعلم المسبق به، وإن كانت تختلف عنها، اختلافا كبيرا، من حيث ما يمثله السند من أعيان، أو خدمات، أو منافع موصوفة (بالنسبة لسندات الإجارة)، أو ديون (بالنسبة لسندات القرض).
وقد استعرضنا الأنواع المتعددة لسندات الإجارة والأعيان المؤجرة، فلاحظنا أنها يمكن أن تصدر لتكون ممثلة لأعيان، معمرة، مرتبطة بعقود إجارة، وأن شروط عقود الإجارة هذه يمكن أن تختلف، من إصدار لآخر، مما يتيح الفرصة لوجود حالات مختلفة لكل من صور سندات الأعيان المؤجرة. ورأينا أيضا أن سندات الإجارة يمكن أن تصدر لتمثل خدمات موصوفة في الذمة، تستحق في زمن مستقبل. كما يمكن أن تمثل منافع أعيان، وهي منافع موصوفة في الذمة أيضا، ومعلقة على زمن مستقبل.
ودرسنا خصائص سندات الإجارة والأعيان المؤجرة، من حيث تداولها في السوق، بسعر تحدده عوامل العرض والطلب، ومن حيث عوامل الأمان، والعائد، والسيولة. وكذلك خصائصها، من حيث المرونة في الإصدار، والتداول، والتنوع، وتلبية الحاجات التمويلية المتعددة. ولاحظنا أن المعوقات التطبيقية لإدخال سندات الإجارة والأعيان المؤجرة في التداول، في الأسواق القائمة في البلدان الإسلامية للأوراق المالية، ليست على درجة تجعلها صعبة التجاوز. كما أنه لا توجد معوقات شرعية، تحول دون وجود سندات إجارة، أو دون قيام بعض البنوك الإسلامية، بطرح سندات إجارة، وبيعها للمدخرين.
ولقد استنتجنا، من مقارنة سندات الإجارة والأعيان المؤجرة مع غيرها من الأوراق المالية، أن معظم صور هذه السندات تتمتع بدرجة عالية من الاستقرار، والثبات في العائد، وبدرجة عالية أيضاً من العلم المسبق، بمقدار هذا العائد، بتاريخ شراء السند. كما أنها جميعا ترتبط – ارتباطا مباشرا – بالأعيان والمنافع والخدمات، أي بدورة الإنتاج، والتوزيع للسلع الاقتصادية. وذلك على الرغم من أن بعض أنواع سندات الإجارة، لديه من المرونة، ما يجعله مصدراً لتمويل الاحتياجات النقدية الآنية، مما يجعلها صالحة لتمويل رأس المال العامل في المشروعات التي تصدرها.
إن جميع هذه الخصائص تجعل من سندات الإجارة والأعيان المؤجرة أدوات مالية متفوقة المزايا، وبخاصة، أنها يمكن أن تصدر – في معظم الأحيان – على أساس علاقة مباشرة بين مستعمل العين المعمرة، وحاملي السندات، دون الحاجة إلى وجود شخصية قانونية (أو معنوية)، يندرج تحت ظلها حاملوا السندات، كما هو الشأن في الأسهم، ورأس مال المضاربة، والوحدات الاستثمارية في مختلف أنواع صناديق الاستثمار. فسندات الإجارة – في هذا – تشبه سندات القرض، من حيث العلاقة المباشرة بين صاحب السند والمتمول بحصيلته. وهذا مما يقلل الكلفة الإدارية للسند بحيث يصبح إيراد حامل السند هو نفس ما يدفعه المتمول دون أن يقتطع منه حصة لإدارة وتكاليف الشخصية المعنوية الوسيطة [ومن الواضح أن ذلك لا يمنع الإفادة من خدمات الترويج والتعهد بالتسويق Underwriting عند الإصدار].