[الإسلاميون الجدد والعلمانية الأصولية في تركيا ظلال الثورة الصامتة]
المؤلف/ المشرف:عبدالحليم غزالي
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:مكتبة الشروق الدولية - القاهرة ̈الأولى
سنة الطبع:١٤٢٨هـ
تصنيف رئيس:فكر إسلامي أو عربي
تصنيف فرعي:العلمانية والعلمانيون
الخاتمة
تجربة لم تنضج بعد
بعد كل ما سبق فإننا أمام تجربة جديدة من المبكر الحكم على نجاحها الكامل أو سقوطها في فخ الفشل، حيث لا تزال تواجه الكثير من العواصف الداخلية والخارجية، وإذا كنا قد وصفنا هذه التجربة بالثورة البيضاء، فإنها ليست في حالة مناعة من الثورة المضادة.
وهناك عوامل عدة تحكم مدى اتجاهها إلى الرسوخ أو مدى التلاشي، أبرزها الاقتراب أكثر من الحكم الأوروبي أو الابتعاد عنه، وكيفية التصدي للمشكلة الكردية المزمنة، والأوضاع الاقتصادية، ونحسب أن هذه هي العوامل الثلاثة الأكثر تأثيراً في مستقبل تركيا بشكل عام.
لكن لا يمكن تجاهل عوامل أخرى مثل احتمالات التقلب في مزاج الرأي العام، وقدرة المعارضة على إعادة رص صفوفها، وقضية الفساد في صفوف الحكومة، سواء بجانبها السلبي المتمثل في تكشف العديد من فضائحها مستقبلاً أو الإيجابي، ثانياً قدرة الحزب على مواصلة تمثل صورة النقاء السياسي في مواجهة الانهيار الذي لحق بالنخبة القديمة وأحزابها.
وهناك أخيراً عامل الصراع مع الجيش الذي تظهر إشارات على ميله إلى التشدد بعد انتهاء حقبة قيادة الجنرال حلمي أوزكوت وتولي الجنرال يشار بويك أنت لها.
ونحسب أن حزب العدالة والتنمية قد خلق قاعدة شعبية قوية سيحسب لها العسكر ألف حساب عند تفجر قضايا قد تقودهم إلى العودة لأساليب الصراع القديمة مع الإسلاميين القدامى، كما أن قيادة أردوغان للحزب عامل آخر مهم لاستمرار قوته
على الساحة السياسية؛ حيث أثبت الرجل أنه قادر على النجاة من مخاطر عدة، ومواصلة حشد التأييد الجماهيري لمبادئ وأفكار الحزب، بما في ذلك اللعب على أوتار الجذور الإسلامية عند اللزوم، وتلبس الوجه الديمقراطي في ذات الوقت.
غير أنه يخطئ من يتصور أن الحزب قادر على إخراج تركيا من مشاكلها المزمنة ذات الإطار الجغرافي والتاريخي والجيوبوليتكي المعقد خلال مدة قصيرة، خاصة أن هذه المشاكل هي التي أعطت تركيا خصوصيتها وتميزها.
ويبقى أيضاً مدى محافظة هذه الثورة الصامتة البيضاء على أبنائها، وتجنب الآثار السلبية لهيمنة أردوغان على الحزب، وفي كل الأحوال لا توجد إجابات بسيطة على أسئلة شديدة التعقيد [والمشكلة الكردية تحمل في طياتها كل مشاكل تركيا].
والأهم أن الاتحاد الأوروبي يريد حلاً لهذه المشكلة، ويمارس ضغوطاً على أنقرة لدفعها لإعطاء الأكراد مزيداً من الحقوق؛ لأنه لن يقبل أن يركب التمييز العرقي والتخلف والفقر والجهل والمرض، أياً كان الأمر فعلينا أن ننظر أكثر لنرى تبلور تجربة الثورة الصامتة في تركيا التي يلتصق التناقض بكامل صوره في تفاعلاتها الداخلية والخارجية!!.