[الهجرة إلى بلاد غير المسلمين حكمها، ضوابطها وتطبيقاتها]
المؤلف/ المشرف:عماد بن عامر
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:دار ابن حزم - بيروت ̈الأولى
سنة الطبع:١٤٢٥هـ
تصنيف رئيس:فقه
تصنيف فرعي:هجرة - أحكامها
بعد هذه الرحلة العلمية المباركة – إن شاء الله تعالى – وعقب هذا التجوال والتطواف الماتع بين فصول ومباحث المذكرة، والغوص في دقائقها، وعرض أقوال أهل العلم مؤصلة بأدلتها الشرعية، أكون قد وصلت إلى نهايتها وأجلها الذي قدر لها، ولم يبق لي إلا أن أسجل أهم النتائج التي توصلت إليها في أثناء البحث مقسمة بحسب موضوعاتها، وهاكم بيانها:
في حقيقة الهجرة:
١. أن الهجرة تطلق لغة على الترك والانتقال ومجانبة الشيء، واصطلاحا يراد بها: (انتقال المسلم من بلد الفتنة والخوف على دينه إلى حيث يأمن على دينه).
٢. أن الهجرة تنقسم إلى نوعين:
هجرة معنوية: وتتمثل في اجتناب المحرمات – كترك الفحش من القول -، أو جفاء الإنسان لأخيه، أو ترك العمل بشرع الله – كجفاء القرآن وهجره -، أو الفرار إلى الله ... إلخ.
وهجرة حسية: وتكون بمفارقة الأبدان تارة، وبمفارقة الأوطان تارة أخرى، ومثلنا لها بالهجرة إلى الحبشة والمدينة وهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى الطائف.
٣. من أهم الأحكام المستنبطة من الهجرة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ما يلي:
أ- مشروعية الفرار بالدين من أرض الظلم والفتنة.
ب- جواز الاستجارة بالمشرك والدخول في حماه بشرط عدم الإخلال بأحكام الدين، أو إعطاء الدنية لهم.
ج- أن المحافظة على الأديان مقدمة على المحافظة على الأبدان والأوطان ... إلخ.
د- أن منزلة الهجرة في الإسلام عالية ورفيعة ... إلى غيرها من الأحكام.
في تقسيم الدار:
أولا: أن الدار تنقسم بحسب الاعتبارات إلى ما يلي:
١ - بحسب السلطة الحاكمة، والأحكام (القوانين) السائدة فيها: تنقسم إلى دار إسلام ودار كفر.
أ- دار الإسلام: وهي نوعان:
دار الإسلام حقيقة وحكما: وهي التي تخضع لسلطة المسلمين وتجري عليها أحكام الإسلام جريانا ظاهرا، ولا وجود لها الآن، إذ لم تتحقق إلا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين الأربعة وبعض الحقبات المتقطعة في تاريخنا الإسلامي.
دار الإسلام حكما لا حقيقة: وهي التي تخضع لسلطة المسلمين وتجري عليها أغلب، أو بعض شعائر الدين، وتظهر فيها خصال كفرية أو فسقية، ما هو شأن أغلب الدول العربية اليوم، وهناك من يصطلح على تسميتها بدار الفسق أو دار الإسلام الفاسقة.
ب- دار الكفر: وهي نوعان أيضا:
دار الكفر حقيقة وحكما: وهي التي تخضع لسلطة الكفار، وتجري عليها أحكام الكفر جريانا ظاهرا، وانعدمت فيها مظاهر الدين الإسلامي تماما، وفقد فيها المسلمون صفة الأمان، كما هو شأن أغلب الدول الشيوعية سابقا، حيث بلغ انتهاك حرمات المسلمين فيها أوجه.
دار الكفر حكما لا حقيقة: وهي دار الكفر الآمنة بالنسبة للمسلمين، كأغلب الدول الأوربية اليوم وهناك من يصطلح على تسميتها بدار الأمن أو دار العهد.
٢ - بحسب قيام حالة الحرب أو الهدنة أو وجود الأمن وعدمه: فالدار تنقسم إلى دار سلم ودار حرب ودار عهد ودار حياد.
ثانيا: أن دار الكفر ودار الحرب ودار الشرك ودار المخالفين تأتي بنفس المعنى عند القدامى، حيث كانوا لا يفرقون بينها.
ثالثا: أن تقسيم الفقهاء للدنيا إلى دار إسلام ودار حرب ليس توقيفيا، وإنما هو وليد الواقع الذي عايشوه (حالة الحرب القائمة).
في حكم الهجرة:
١. تحرم الهجرة إلى بلاد الكفر حقيقة وحكما إذا خشي المسلم على نفسه الفتنة في الدين أو النفس ... وتحمل جميع الأدلة التي يستفاد منها التحريم على هذه الحالة.
٢. أن الأصل في التنقل والاستيطان الحل، وليس أرض بأفضل من أخرى في حق الإنسان، بل الأفضل له ما كان فيها أطوع لله ورسوله.
٣. أن الهجرة تجري عليها الأحكام الفقهية الخمسة، وليس لها حكم واحد يعمم على جميع الناس، بل حكمها يختلف من شخص لآخر وبين ظرف وآخر:
فتجب الهجرة من البلد غير الآمن، أو الذي فشت فيه المنكرات، أو لتعلم علم الشرع الضروري، أو لتحقيق مصالح للمسلمين، أو إذا طلبه الإمام ... ، وتحرم الهجرة إلى بلد الفتنة أو حيث ينتشر المنكر والفساد ... ، وتكره في حق من تحتف به الظروف أو ملابسات قد تؤثر سلبا على دينه أو ذريته كالزواج من غير مسلمة ... ، وتستحب في حق من يشتغل بالدعوة لدين الله، أو خدمة الجاليات المسلمة ... ، وتباح في حق من استوت عنده المفاسد والمصالح، كالهجرة للتكسب من الحلال - فوق الحاجة – أو السياحة ... ، ويشترط في حق من يهاجر لبلاد الكفر أن يحصن نفسه بالعلم الصحيح الذي يحجزه عن الشبهات، والدين الذي يمنعه من الشهوات.