[حكم الشرع في لعب الورق "الشدة"]
المؤلف/ المشرف:مشهور بن حسن آل سلمان
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:دار ابن حزم - بيروت ̈الثالثة
سنة الطبع:١٤١٩هـ
تصنيف رئيس:فقه
تصنيف فرعي:ألعاب
خاتمة
تبين لنا حرمة (اللعب بالورق) من وجوه عديدة، وهو ما جزم بهم حققوا أهل هذا العصر من العلماء والفضلاء، وزيادة على ما قيل في مضار ومفاسد (اللعب بالورق) في المبحث الثاني، نضيف هنا:
إن اللعب به فيه إضاعة للوقت، الذي هو أنفس ما يملك الإنسان، و"ترجع نفاسة الوقت إلى أنه وعاء لكل عمل وكل إنتاج، فهو في الواقع رأس المال الحقيقي للإنسان فرداً أو مجتمعاً. إن الوقت ليس من ذهب فقط كما يقول المثل الشائع، بل هو أغلى في حقيقة الأمر من الذهب واللؤلؤ والماس، ومن كل جوهر نفيس، وحجر كريم".
فالوقت هو الحياة، فمن الواجب على المسلم أن يحافظ عليه، كما يحافظ على بدنه وماله، بل أكثر، وأن يحرص على الاستفادة منه فيما ينفعه في دينه ودنياه، وفيما يعود على أمته بالخير والسعادة والتقدم نحو الطاعة والفضيلة.
فقد جاءت الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الشريفة، وأقوال السلف الكرام والعلماء والصالحين والزهاد والشعراء في المحافظة عليه والاستفادة منه، وإليك قطوفاً من ذلك، نجعلها خاتمة هذه الرسالة، التي نسأل الله رب العرش العظيم أن ينفع بها المسلمين.
قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا}.
أي: جعل الليل يخلف النهار، والنهار يخلف الليل، ليتعظ المسلم ويعتبر باختلافهما، أو أراد شكر الله تعالى فيهما، فمن فاته عمل في أحدهما، حاول أن يتداركه في الآخر.
• عن معاذ بن جبل: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لن تزول قدما عبدٍ يوم القيامة، حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن عمله ماذا عمل به".
فالوقت خصَّه صلى الله عليه وسلم بسؤالين رئيسين من ضمن الأسئلة الأساسية الأربعة التي توجه إلى المكلف يوم الحساب، وبين صلى الله عليه وسلم أن الإنسان يسأل "عن عمره عامة، وعن شبابه خاصة، والشباب جزء من العمر، ولكن له قيمة متميزة باعتباره سن الحيوية الدافقة، والعزيمة الماضية، ومرحلة القوة بين ضعفين، ضعف الطفولة، وضعف الشيخوخة، كما قال تعالى:
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ}.
• وكان الحسن البصري يقول: "ما من يوم ينشق فجره، إلا وينادي: يا ابن آدم! أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني، فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة".
• وكان يقول: "يا ابن آدم! إنما أنت أيام مجموعة، كلما ذهب يوم ذهب بعضك! ".
• وكان يقول أيضاً: "أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصاً على دراهمكم ودنانيركم! ".
• وكان عمر بن عبدالعزيز يقول: "إن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل فيهما! ".
• وكانوا يقولون: "من علامة المقت إضاعة الوقت".
• ويقولون: "الوقت سيف إن لم تقتطعه قطعك".
• وقال حكيم: "من أمضى يوماً من عمره في غير حق قضاه، أو فرض أداه، أو مجد أثله، أو حمد حصله، أو خير أسسه، أو علم اقتبسه، فقد عق يومه، وظلم نفسه! ".
• وقال الشاعر:
وما المرء إلا راكب ظهر عمره
على سفر يفنيه باليوم والشهر
يبيت ويضحى كل يوم وليلة
بعيداً عن الدنيا قريباً إلى القبر