للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حملة خليل باشا على إمارة (أبو عريش)]

المؤلف/ المشرف:إسماعيل بن محمد البشري

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:مكتبة العبيكان- الرياض ̈الأولى

سنة الطبع:١٤٢٣هـ

تصنيف رئيس:تاريخ

تصنيف فرعي:تاريخ - الدولة العثمانية

لقد تضمن هذا البحث عرضاً غير مباشر لطبيعة العلاقات بين إمارة (أبو عريش) والإدارة العثمانية في الحجاز، ورأينا كيف تأرجحت هذه العلاقة بين الود الحذر، والحياد النسبي, ثم الصراع المباشر.

ولقد ظهر لنا من خلال البحث كيف أن التعاون الذي قام بين إمارة (أبو عريش) وإمارة (عسير) قد نجح إلى حد كبير في صد العديد من الحملات التي قامت بها القوات التركية المصرية على الإمارتين، بحيث لو تم استغلال ذلك بشكل أكثر حيوية لما تمكن محمد علي باشا من بسط نفوذه في إمارة (أبو عريش) أو (عسير)، ولأمكن تعويق مسيرة أي قوة تحاول التدخل في شؤون المنطقة.

ولقد كشف البحث وللمرة الأولى عن العديد من المواقف والقضايا التاريخية، وصحح المعلومات المتعلقة بحملة خليل باشا على إمارة (أبو عريش) من خلال الوثائق العثمانية والمصرية التي قدمت لنا تفصيلاً دقيقاً لكل مراحل الصراع بين التحالف العسيري التهامي من ناحية، وقوات محمد علي باشا الغازية – وخاصة حملة خليل باشا- من ناحية أخرى.

ولقد حققت حملة خليل باشا على إمارة (أبو عريش) الكثير من النتائج الإيجابية لإدارة محمد علي باشا في الجزيرة العربية، حيث تمكنت من القضاء على الطرف المعارض من الأشراف الممثل في الشريف حمود وابنه أحمد، ونقل السلطة إلى الطرف الآخر الذي يعلن انتماءه وولاءه وتبعيته لتلك الإدارة، ممثلاً في الشريف علي بن حيدر الذي استمر حاكماً لإمارة (أبو عريش) في ظل الإدارة المصرية حتى وفاته عام ١٢٥٤هـ، واستمرار ذلك في عهد ابنه الحسين بن علي بن حيدر حتى خروج قوات محمد علي باشا من إمارة (أبو عريش) وتسليمها إلى الشريف الحسين عام ١٢٥٦هـ/ ١٨٤٠م.

ومن المعروف أنه لم يكن من أهداف الحملة السيطرة على اليمن بقدر ما كانت تسعى إلى تأمين الحدود الجنوبية للحرمين الشريفين، ولما تحقق نجاحها فإن عودة تهامة إلى حكم صنعاء يخفف العبء على الباب العالي ومحمد علي باشا، ويجعل الإمام ممتناً وداعياً للسلطان، وفوق ذلك تم ضمان تصدير كمية ثلاثة آلاف قنطار من البن اليمني الذائع الشهرة إلى مطبخ السلطان سنوياً مجاناً، بالإضافة إلى ما طلبه خليل باشا وأكده مبعوثه من النقد.

ولقد نجحت الحملة في تفتيت الكيان السياسي لإمارة (أبو عريش) من خلال الشريف علي بن حيدر، حيث تم القضاء على ذلك التحالف الذي نشأ بينها وبين إمارة عسير ضد قواته في الجزيرة العربية، وتفرد بعد ذلك بإمارة (عسير) في أكثر من جولة من الصراع، وإن كان لم يحكم قبضته عليها، إلا أنه تمكن من القضاء على قدرتها في التحرك نحو الحجاز، وهو أقصى ما كان يسعى إلى تحقيقه آنئذ.

ولقد كانت حملة خليل باشا مقدمة لمحاولات محمد علي باشا التالية للسيطرة على الساحل اليمني في ظل بروز التنافس الاستعماري الإنجليزي والفرنسي في البحر الأحمر، وظهور المواجهة مع الدولة العثمانية في تلك المناطق.

وأخيراً تمكن محمد علي باشا من إظهار نفسه بمظهر الحامي لحدود الدولة العثمانية والحريص عليها، وهو في الوقت ذاته يحقق أحلامه وطموحاته بتأسيس إمبراطوريته التي كان يسعى إلى بنائها كما أثبتته الوقائع التاريخية بعد ذلك، والله ولي التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>