[الأصول التي بنى عليها المبتدعة مذهبهم في الصفات والرد عليها من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية]
المؤلف/ المشرف:عبدالقادر بن محمد عطا صوفي
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:مكتبة الغرباء الأثرية - المدينة المنورة ̈الأولى
سنة الطبع:١٤١٨هـ
تصنيف رئيس:توحيد وعقيدة ومنهج
تصنيف فرعي:ابن تيمية - ترجمة كاملة أو دراسة منهجية
الخاتمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فهذه خاتمة الرسالة، وهي تتضمن أهم النتائج؛ التي يمكن إجمالها فيما يلي:
١ – سلامة منهج السلف رحمهم الله تعالى الذين ساروا عليه في إثبات الصفات.
فهم لا يأخذون اعتقادهم إلا عن الكتاب والسنة.
وهذا يتوافق مع اسم الإسلام الذي يحملونه، ومن معناه الاستسلام والانقياد لله تعالى بالطاعة، ولرسوله بالمتابعة.
لذلك كان إثباتهم سليما من تشبيه يُفضي إلى تمثيل، أو تأويل يُفضي إلى تعطيل.
ومن هنا كان مذهبهم هو الأسلم، والأعلم، والأحكم.
فلم يصرفوا شيئاً من النصوص عن ظاهرها المراد، ولا حملوها على المعنى المجاز، بل أمروها كما جاءت بعد أن فهموا منها معانيها اللائقة بالله جل وعلا ..
وليس إمرارهم لها ناجم عن عدم فهم لمعانيها، بل هم من أعلم الناس بمعانيها، لكن لم يكونوا يعلمون حقيقتها وكيفيتها.
٢ – جميع ما أحدث المبتدعة من أصول مخالفات للكتاب والسنة؛ هي كسراب بقيعة، حتى لو بهرجوها وزوقوها ونمقوها؛ فإن فيها من الغلط والوهم ما لا يعلمه إلا الله.
وسبب ذلك أنهم احتكموا إلى عقولهم القاصرة في إثبات الصفات؛ فأصلوا بفهومهم أصولا تناقض الكتاب والسنة، أو تلقوا هذه الأصول المخالفة للنصوص عن أعداء الإسلام الحريصين على إضلال المسلمين، وردهم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ..
ومن أسباب ضلالة هؤلاء المبتدعة قياسهم الغائب على الشاهد؛ فهذا الذي أوقع المؤولة في التأويل، والمشبهة في التمثيل.
فلم ترتق عقول المشبهة – بسبب هذا القياس – إلى مستوى التنزيه ..
ولم ترتق عقول المعطلة والمؤولة إلى مستوى الإثبات مع التنزيه.
٣ - شيخ الإسلام وعلم الأعلام ابن تيمية رحمة الله عليه من خير من خبر مقالات المبتدعة، ومحص أدلتهم، وعرف نقاط ضعفهم، ..
وقد توجت هذه المزايا العلمية بسلامة صدره نحو المسلمين؛ فتميزت ردوده على المخالفين بحرصه على هدايتهم، ودلالتهم إلى طريق الرشاد؛ فعاملهم معاملة الطبيب للمريض، لا معاملة الخصم للخصم.
فهو يشفق عليهم، ويتأثر من جهلهم، ويشتكي من استطالة الملاحدة أعداء الإسلام عليهم، ويبتعد عن تجريحهم أو سبهم، أو أي نوع من أنواع المهاترات ..
٤ – العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح، بل ولا يمكن أن يخالفه بحال ..
٥ – دليل الأعراض: هو أس الأساس لكل فرق التعطيل، ومستندهم الأصيل في نفي صفات الله جل وعلا ..
٦ – دليل الاختصاص من الأدلة المهزوزة؛ فهو من أضعف الأدلة في إثبات حدوث الأجسام، ورغم ذلك أخذ به بعض الأشعرية ..
٧ – خالف متأخروا الأشعرية متقدميهم؛ فنفوا كثيراً من الصفات التي أثبتها المتقدمون؛ فصار مذهبهم أقرب إلى مذهب الجهمية من السابق ..
ويرجع التغير في مذهبهم إلى كثرة احتكاكهم بالمعتزلة، وكثرة قراءتهم لكتبهم، من غير اعتصام بالكتاب والسنة ..
أما الماتريدية فلم يطرأ عليهم التغير الذي طرأ على الأشعرية؛ لأن مذهبهم منذ البداية كان مقارباً لمذهب الجهمية؛ إذ أبو منصور الماتريدي تلقى المعتقد عن جهمية الحنفية في بلده ..
٨ – الجهمية أساس كل شر، ومصدر كل بلية في الإسلام.
وهم قد جمعوا في أقوالهم الشر كله، والأساس لكل معتقد فاسد أحدث في الإسلام.
لذلك كان تحذير أئمة السلف منهم كبيراً؛ حتى إن بعضهم لم يعتبرهم من الفرق الثلاث والسبعين.