للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الردة والحرية الدينية]

المؤلف/ المشرف:أكرم رضا

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:دار الوفاء - مصر ̈الأولى

سنة الطبع:١٤٢٦هـ

تصنيف رئيس:توحيد وعقيدة ومنهج

تصنيف فرعي:الردة

الخاتمة

حد الردة حكم ثابت

بعد هذه الدراسة النصية في مصادر الإسلام الأساسية (القرآن والسنة)، وفي المصادر التطبيقية لهذه النصوص (مذاهب الفقه) يمكن أن نخرج من بحثنا حول (جريمة الردة) بالخلاصة التالية:

١ - جريمة الردة من الجرائم التي نص عليها القرآن وحذر منها، وبين عاقبتها في الآخرة، وفضح أهلها، وبين أسلوب التعامل مع بعضهم.

٢ - نصت السنة القولية على عقوبة المرتد، وهي القتل، وهذا ما أخذ به الصحابة في حكمهم بلا مخالف.

٣ - اجتهد الصحابة في قضية استتابة المرتد، ولا خلاف بينهم في أصل الاستتابة، إنما اختلفوا في مدتها ما بين موسع ومضيق في المدة الزمنية

٤ - الردة ليست شكلا واحدا، إنما تأخذ أشكالا متعددة، وعلى حسب شكلها يكون حكمها كالآتي:

أ- إذا ارتدت جماعة عن الإسلام، وحملت السلاح، وسعت في الأرض فسادا تأخذ حكم حد الحرابة.

ب- إذا ارتدت جماعة التأويل، وتجمعت لحرب المجتمع المسلم تقاتل على أنها باغية (حد البغي).

ج- إذا ارتدت جماعة أو فرد وأعلن ردته، أو شهد عليه شهود بذلك فإنه يستتاب من قبل الحاكم دون إرهاب أو ترويع، ويدعى بالحكمة والموعظة الحسنة، ولأن الفقهاء اختلفوا في مدة الاستتابة، فإنها هنا متروكة لرأي الحاكم باستشارة هيئة الاستتابة، وحسب خطورة المرتد، أو ميله إلى التوبة من عدمه.

د- إذا تاب هذا المرتد وأعلن براءته مما اقترف يحكم عليه الحاكم بعقوبة تعزيرية، فإذا عاد تعاد الاستتابة، فإذا تكرر منه هذا فإن للحاكم النظر في مدى جديته.

هـ- إذا لم يتب المرتد وأصر على رأيه، أو تاب وعاد أكثر من مرة حيث رأى الحاكم عدم جديته، فإنه يقتل حدا، وتطبق عليه أحكام المرتد كما بينا في البحث.

٥ - لا تعارض بين حكم قتل المرتد، وبين إقرار الإسلام بالحرية الدينية في مثل قوله تعالى: {لا إكراه في الدين} [البقرة: ٢٥٦] حيث أنه إذا كان غير مسلم فلا يكره على دخول الإسلام، أما إذا دخل الإسلام فإنه وجب عليه اتباع أحكامه، التي منها أن من ارتد يقتل، ولا بد من بيان ذلك لكل من يريد أن يدخل في الإسلام.

٦ - لم يشترط الفقهاء – استنادا على النصوص القرآنية والحديثية – أن يأتي المرتد بعمل يعكر صفو المجتمع مع ردته لإقامة الحد، وإلا انتقل إلى حد آخر وهو حد الحرابة أو حد البغي.

٧ - ضيق الإسلام وحذر بشدة من المسارعة إلى اتهام مسلم بالكفر بسبب قول أو فعل أو ترك ظاهري يخالف ثوابت الإسلام، ولا بد من التأكد والتيقن من رسوخ ذلك في قلبه؛ اعتقادا جازما، ولذلك شرعت الاستتابة قبل إقامة الحد.

٨ - بين الإسلام أن هناك طائفة لا هم كفار معلنون صراحة كفرهم بعد إسلامهم، ولا هم مسلمون قلوبهم مع الإسلام، وهي طائفة المنافقين الذين يشهدون الشهادة، بل وقد يؤدون بعض العبادات الظاهرة ويعلنون أنهم مسلمون، ولكنهم يتناولون الإسلام والمسلمين بألسنتهم وأقلامهم، فهؤلاء إذا صدر منهم ما يدل على كفر أو ردة فإنهم يستتابوا، وتقع عليهم أحكام الردة كما بينا من قبل. ولا يخفى على أحد خطورة هذه الفئة على المجتمع الإسلامي، وسبيل جهادهم فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع ما بينه فهم الصحابة لما ورد عنهم في القرآن من التهديد والوعيد والتحذير والغلظة في القول، وفضح مواقفهم، وبيان أن المجتمع المسلم ليس بغافل عن تصرفاتهم.

توصيات البحث

١ - لا يخفى على أحد أننا نحتكم في حكم غير مطبق، وقانون غير معمول به في ساحة العالم الإسلامي الواسعة إلا ما ندر، وعلى هذا فإن القصور في تنزيل هذه الأحكام على الواقع وارد لا محالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>