للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كرد العراق منذ الحرب العالمية الأولى ١٩١٤ حتى سقوط الملكية في العراق ١٩٥٨م]

المؤلف/ المشرف:محسن محمد المتولي

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:الدار العربية للموسوعات - بيروت ̈الأولى

سنة الطبع:١٤٢٢هـ

تصنيف رئيس:تاريخ

تصنيف فرعي:كرد

الخاتمة

ولقد توصلت هذه الدراسة إلى عدَّة نتائج وهي:

١ - لقد شهدت أراضي كردستان العديد من الثقافات والديانات كالآشورية والهلينية واليهودية والمسيحية إلا أن تأثير الإسلام على التكوين الثقافي للشعب الكردي كان أهم وأعمق بكثير من تأثير الثقافات والديانات السابقة، والسبب في ذلك يرجع إلى أن الإسلام انتشر على كامل الأراضي الكردية، بينما كانت الديانات والمعتقدات الأخرى تنتشر على شكل بقع متناثرة. إلى ذلك استطاع الإسلام احتواء الأراضي الكردية ضمن دولته السياسية، بينما لا يلاحظ ذلك في بقية الحالات عدا الزرادشتية التي جمعت في بعض المراحل أكثر أجزاء كردستان الشمالية والجنوبية. ولذلك كان من الطبيعي أن يستمد التكوين الثقافي الكردي نسيجه من مصادر دينية متنوعة يمكن للدارس أن يلتمس آثارها في الحياة الدينية والاجتماعية لمجتمعات المناطق الجبلية، ولكن مع ذلك بقي التأثير الأكبر للإسلام.

٢ - إن المشكلة الكردية في العراق موروثةٌ من العهد العثماني والتصقت بالدولة العراقية منذ أن أصبح العراق دولةً وكياناً سياسياً بعد الحرب العالمية الأولى بموجب قرارات دولية. وهكذا ربما يكون مشروعاً جداً ومبرراً أن تقاوم الحكومة المركزية في العراق أي عدوان مسلح، أو بؤرة متمردة، وأن تقف في وجه أي دعوات انفصالية وأن تعتبر كردستان الجنوبية جزءاً من الوطن العراقي أي الدولة العراقية. لكنه ليس مشروعاً أبداً ولا صحيحاً الادعاء بأن كردستان هي جزء من الوطن العربي، ففي هذه الحالة تختلف الصورة تماماً؛ لأن الوطن العربي هو كيان قومي محدد وليس كياناً سياسياً أي دولة بذاتها. ومن وجهة نظر علمية تاريخية كان للكرد دائماً وطنهم القومي. ولكن ذلك الوطن تعرَّض في مراحل تاريخية معيَّنة للغزوات الخارجية فكان أخطرها وأشدّها تأثيراً الغزو الفارسي والعثماني؛ لأنه استهدف تجزئته وتقسيمه واقتسامه وضمّه وتكريس هذا الضم من طرف واحد.

٣ - بعد الاحتلال البريطاني لكردستان العراق أخذت الإدارة البريطانية تضع إلى جانب الحكَّام المحليين في الأغوات مستشارين بريطانيين متمرسين باللعبة الاستعمارية، واستطاعت عن طريق هؤلاء المستشارين أن تهذب بعيداً في إيهام الكرد أنها تقف إلى جانبهم، فأمدتهم بالمساعدات المالية والعسكرية ولكن هذه المساعدات لم تبلغ في أفضل الحالات المستوى الذي يضمن للكرد ولو الحد الأدنى من مطالبهم الوطنية أو اليومية، لاسيما بعد أن تعمقت بريطانيا في أوضاع المنطقة وتفهمت بشكل أوسع خلفياتها الإقليمية والدولية القديمة، وما استجد فيها بعد الحرب العالمية الأولى في ضوء تبدل خريطة العالم كله، فوجدت بريطانيا نتيجة حساباتها الجديدة أن مصلحتها تتطلب التخلي عن الكرد وتأسيس دولةٍ عراقيةٍ موحَّدة وحكومةٍ مركزيَّةٍ في بغداد للأسباب الآتية:

أ) - لأن دولة عراقية تضم المنطقتين العربية والكردية تضمن لها بسط سيطرتها عليهما من خلال معاهدة ثنائية واحدة.

ب) - لأن إيران وتركيا لا تقبلان بدويلةٍ كرديَّة مجاورة تكون منطلقاً لتحرك الكرد مستقبلاً ضد كلٍ منهما، ولم تكن بريطانيا ترى ضرورة لإثارتهما في سبيل قضيةٍ خاسرة بالنسبة لها.

ج) - لأن مجرد البحث في إنشاء دويلة كهذه إنما يعني فتح ملف الدولة الأرمينية المقترحة في معاهدات دولية سابقة، وهذا من شأنه إثارة رياح عاتية وتحريك قضايا قديمة في منطقةٍ نفطية حساسة تحرص بريطانيا على استقرارها وهدوئها وعدم إدخال أطراف دولية معينة فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>