[فقه الأولويات دراسة في الضوابط]
المؤلف/ المشرف:محمد الوكيلي
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:المعهد العالمي للفكر الإسلامي - أمريكا ̈الأولى
سنة الطبع:١٤٠١هـ
تصنيف رئيس:أصول فقه
تصنيف فرعي:أولويات
الخاتمة
وأخيراً أعود مع القارئ الكريم لأقف معه وقفة إجمالية أستعرض فيها ما تضمنه البحث، وما يحسب صاحبه أنه حققه من نتائج فأقول:
كان أول مهمة عليَّ أن أقوم بها، هي تعريف مصطلح الأولويات، ثم تعريف الفقه بهذه الأولويات. خصوصاً وأنني لم أعثرـ فيما اطلعت عليه ـ على تعريف لهذا المصطلح أو للفقه الذي يهتم به. ما عدا تعريف الدكتور يوسف القرضاوي الذي ارتأى لي أنه غير دقيق.
وبعد أن حاولت تعريفه، انتقلت إلى إبراز أسباب ظهوره باعتباره فقهاً جديداً، وقد حددتها في سببين رئيسيين:
الأول: اختلال مراتب الأعمال الشرعية. وهي اختلالات ظهرت من قديم أوقعت الأمة في شرور ومفاسد. اكتفيت بذكر نماذج منها قديماً في مجال علم الكلام والتصوف والفقه وأصوله، وحديثاً في بعض ممارسات المسلمين العملية خصوصاً الدعوية منها.
والثاني: الضرورة الدعوية التي أرغمت الدُّعاة على إحياء سُنّة التدرج من جديد، بعدما وقفت عراقيل كثيرة في وجه التطبيق الكلي والسريع لأحكام الإسلام. وقد بينت أن منهج التدرج الأولوي، أمر ضروري كمنهج عمل في إعادة التمكين للإسلام لعدة أسباب.
وبعد أن أبرزت العوامل التي أفرزت هذا النوع من الفقه، ونبهت إلى أهميته في تقويم الاختلالات التي ظهرت في مراتب الأعمال الشرعية وأهميته كذلك في التقعيد لضوابط الترجيح عند التزاحم أو التدرج الدعوي، انتقلت إلى التأصيل الشرعي للأولويات. فبينت أن القرآن الكريم قد استعمل مادة "أولى" في أكثر من آية. وأن هذا الاستعمال، جاء موافقاً للاستعمال اللغوي لهذه الكلمة. كما بينت أن السُنّة النبوية استعملت هي الأخرى هذه المادة في أكثر من حديث. بعد ذلك أوضحت أن القرآن الكريم يوجه المسلم في كثير من آياته إلى ما هو أولى وأفضل سواء في عمله الديني أو الدنيوي. كما أشرت إلى أن أول من طولب منه فعل الأولى، هم الرسل عليهم الصلاة والسلام. مشيراً في نفس الوقت قضية وجوب فعل الأولى أو الأصلح على الله. وهي قضية عالجها علماء الكلام وانتصر لها بعضهم إلا أنني أكدت موقف أهل السُنة الذي لا يوجب على الله شيئاً. والذي يرى أن كل ما يفعله هو خير وصلاح وإن بدا فيه شر. ثم انتقلت إلى السُنّة لأثبت أنها هي الأخرى أكدت هذا الإرشاد نحو الأولى والأفضل. وقد وقفت فيها مع اختلاف أجوبته e عن أفضل الأعمال بختلاف أحوال السائلين. مستنتجاً من ذلك دليلاً آخر على مراعاته e
لمبدأ الأولويات. وبعد ذلك تناولت التدرُّج التشريعي والدعوي في القرآن والسُنّة كمستند آخر واضح الدلالة على شرعية الأولويات، سواء في طريقة نزول القرآن الكريم أو في تشريعه للأحكام أو في دعوته e. ثم انتقلت لإبراز نماذج من الأولويات في القرآن والسُنّة. إلا أنني لم أستقصِها وإنما أشرت فقط إلى بعضها. لأن الغرض ليس استقراء هذه الأولويات التي يمكن القول بأن استقراءها يشكل وحده بحثاً مستقلاً. وبعد أن تأكَّدَت بوضوح شرعية الأولويات، انتقلتُ إلى الطرق التي تُعرف بها. فبينت أن معرفتها تتم عن طريقين:
الأول: طريق نصِّي لا اجتهاد فيه. وهذه الأولويات المنصوصة منها ما تُدرَك علته ومنها ما لا يُدرك. وأن ما يُدرك منها هو الأغلب. مبرزاً في نفس الوقت بعض المرجِّحات التي على أساسها يرجِّح الشرع بعض الأعمال على الأخرى. وهي مرجِّحات مهمة ينبغي اعتبارها عند إرادة تقديم حكم أو فعل على آخر.
الثاني: طريق اجتهادي وقد حددت مجاله في منطقتين: