[الجهاد في سبيل الله حقيقته وغايته]
المؤلف/ المشرف:عبدالله بن أحمد القادري
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:دار المنارة - جدة ̈الأولى
سنة الطبع:١٤٠٥هـ
تصنيف رئيس:فقه
تصنيف فرعي:جهاد
تلخيص نتائج البحث
يتبين لقارئ هذا البحث أن هذا الدين أشد ضرورة للعالم كله من ضرورات الطعام والشراب والهواء التي لا حياة بدونها، لأن فقد هذه الضرورات غاية ما يصيب فاقدها من ضرر أن يموت، والموت حتم لا مفر منه وإن تعددت أسبابه، أما هذا الدين فإن فاقده ينزل به الشقاء في الدنيا والآخرة: {والعَصْرِ* إنَّ الإنسان لفي خُسْر} إلاَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر (، ولأن هذا الدين هو الدين العالمي الحق الذي لم يبق في الأرض حق سواه وهو آخر الأديان الذي لا ينتظر بعده دين ولا نزول وحي ولا بعث رسول: ?ما كان محمدٌ أبا أحد من رجالكم، ولكن رسولَ الله وخاتمَ النبيِّين (?تبارك الذي نزَّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً (?ومن يَبْتَغِ غيرَ الإسلام ديناً فلن يُقْبَلَ منه وهو في الآخرة من الخاسرين (.
وتبين كذلك أنه لا قيام لهذا الدين إلا بالجهاد في سبيل الله فالجهاد في سبيل الله، كذلك ضرورة للعالم كضرورة هذا الدين.
ومن هنا يظهر فضل الجهاد في سبيل الله وكونه رحمة للعالمين كالإسلام وأن الجهاد في سبيل الله يشمل نشاط الإسلام كله، فلا يخلو وقت المسلم كله من مشروعية الجهاد في سبيل الله إما واجباً عينياً وإما كفائياً وإما مسنوناً ـ على ما اختير من تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ـ وإن الجهاد بمفهومه الخاص ـ وهو قتال الكفار ـ يقوم على إعداد المجاهدين والمال والسلاح واستغلال جميع الطاقات المتاحة ولا يتحقق إلا لمن جاهد نفسه في ذات الله عز وجل.
ويظهر من البحث أن للجهاد بواعث تدفع المؤمنين للقيام به ولا تقوم سوقه وتربح تجارته إلا بتلك البواعث، كما أن له معوقات تثبط عنه من تمكنت منه.
وأن للمجاهدين ـ قادة وجنوداً، أفراداً وجيشاً ومجتمعاً ـ صفات لا بد من توافرها فيهم للقيام بالجهاد في سبيل الله.
وأن للنصر أسباباً أناطه الله بها يجب علىالمجاهدين أن يسعوا لتحقيقها وأن للهزيمةـ كذلك ـ أسباباً علقها الله بها يجب علىالمجاهدين أن يبتعدوا عنها.
ويظهر ـ كذلك ـ أن للجهاد في سبيل الله غاية عليا تشمل كل الغايات المتفرعة عنها، وتلك الغاية العليا هي إعلاء كلمة الله في الكون، وبها تتحقق كل الأهداف الفرعية للجهاد في سبيل الله من دفع العدوان ونشر العدل والسلام في العالم وغيرها.
وأن الله سبحانه اقتضت حكمته أن يبتلي عباده بالجهاد في سبيل الله فيمحص المؤمنين الصادقين الذين يفوزون بتقواه ورضاه ونصره وبالانتقال السريع إلى الحياة الأبديةحياة الشهداء الذين يختارهم الله ويصطفيهم لها من بين خلقه. ويكشف سبحانه بالجهاد في سبيله المنافقين الذي يندسون في صفوف المؤمنين للمكر والكيد والخداع والتثبيط عن طاعته.
ويبدو كذلك من البحث أن المسلمين ابتعدوا كثيراً عن دين الله حتى فقدوا روح الجهاد والتضحية بالنفس والمال في سبيل الله وأنه لا بد من إعادة هذه الروح إليهم بغرس الإيمان في قلوبهم وبث العزة في نفوسهم، وبناء نخبة منهم قوية تتحمل أعباء هذا الدين ومشقات الجهاد في سبيل الله، وإبعاد المسلمين عن الترف والاسترخاء المهلكين.
وإن ابتعاد المسلمين عن دينهم كان سبباً في تفرقهم فلا بد من السعي المتواصل لجمع كلمتهم بتعميق معنى الولاء والبراء في نفوسهم وإعادة الخلافة الإسلامية المفقودة التي هي قمة وحدتهم، بل لا وحدة لهم بدونها.
ويتبين ـ كذلك ـ أن للجهاد في سبيل الله ثمراته الطيبة العظيمة التي يعم نفعها المسلمين بتوحيد صفوفهم وتسديد خطاهم وحرصهم على حماية دينهم الذي لم يقم إلا بتضحيات منهم وكفاح، وإعزازهم وتبوئهم منصب قيادة البشرية الذي وعدها الله إياه: ?كنتم خير أمة أُخرجتْ للناس، تأمرون بالمعروف، وتنهَون عن المنكر، وتؤمنون بالله (كما يعم العالم أجمع بإبلاغ الدعوة إليه ودخوله في دين الله أفواجاً بعد أن يحقق الله لأهله النصر والتأييد والغلبة وبذلك تتحقق للناس السعادة الكاملة بإخراجهم من ظلمات الكفر إلىنور الإيمان، وبنشر العدل والسلام في الأرض.
وللقعود عن الجهاد في سبيل الله أضرار خطيرة على المسلمين وعلى العالم كله، إذ تعلو بذلك كلمة الكفر ويهيمن قادة الكفر على الأرض، ويذل المسلمون ويستضعفون ويفتنون في دينهم ويفقدون حريتهم وعزتهم، ويشقى العالم كله بحرمانه تبيلغ هذا الدين قولاً وعملاً وهو قوي الجانب مهاب، ويفقده القيادة الهادية العادلة.
وهذا هو واقع المسلمين والعالم اليوم، وهو يقتضي إثم كل مسلم على وجه الأرض لا يقوم بالجهاد في سبيل الله وهو قادر عليه، لعدم قيام طائفة أو طوائف به قياماً كافياً يعلي كلمة الله ويذل كلمة الكفر.