[مسالك أهل السنة فيما أشكل من نصوص العقيدة]
المؤلف/ المشرف:عبدالرزاق بن طاهر معاش
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:دار ابن عفان - القاهرة ̈الأولى
سنة الطبع:١٤٢٥هـ
تصنيف رئيس:توحيد وعقيدة ومنهج
تصنيف فرعي:شبهات وأخطاء
في ختام هذا البحث، أحمد الله الذي وفقني لإتمامه وإنجازه على الوجه الذي هو عليه، وأسجل هنا أهم النتائج التي توصلت إليها، كما أذكر بعض التوصيات التي من شأنها-في نظري- أن تزيد في بيان مسألة التعارض المدعى بين النصوص أو بين الشرع والعقل، وأنها من خيالات أهل الكلام.
وهذه بعض تلك النتائج، والتوصيات:
١. أن الأصل في نصوص هذه الشريعة الوضوح والبيان، ومما يشكل فإنما هو في نظر الناظر فيها لقصوره في الاطلاع على جملة الأدلة، أو في فهم دلالاتها.
٢. أن توافق النصوص الشرعية وائتلافها من اليقينيات، لما قام على ذلك من البراهين والحجج الشرعية –النقلية والعقلية- والفطرية والواقعية. ومثل هذا اليقين لا يمكن أن يزول بشكوك أهل الفلسفة والكلام والهواء، وريب المبهورين من أتباعهم في كل زمان.
٣. أن توافق العقل الصريح المستقيم الذي لا يفرق بين المتماثلات، ولا يجمع بين المختلفات، وبين النقل الصحيح الثابت من اليقينيات كذلك الذي قامت عليها الأدلة، وما خالف ذلك وشذ عنه إنما هو خيالات وأهواء سميت عقليات، أو هو نقل مكذوب منتحل لا تصح نسبته إلى الله ورسوله.
٤. لأهل السنة منهج واضح قائم على قواعد ثابتة في بيان التوافق والائتلاف بين أدلة الشرع النقلية والعقلية، وفي درء الاختلاف عنها والتضاد. كما لهم مسالك علمية صحيحة في كشف ما يشكل من معاني النصوص، والرد على الطاعنين في ذلك.
٥. أن تعظيم شعائر الله: بتوقير الرسول صلى الله عليه وسلم وتصديقه في جميع ما أخبر به مما صح عنه، من أعظم ما يعصم من الحيرة والضلال الناشئين عن تحكيم خبره صلى الله عليه وسلم للأهواء والآراء المنحرفة التي يسميها أصحابها (عقليات).
٦. أن ما يلزم من القول بالتعارض بين الشرع والعقل من اللوازم الخطيرة على عقيدة المرء، وتصوره، وعمله، مما يجب أن يصون المسلم الحريص على دينه نفسه عن القول به أو اعتقاده.
٧. أن منشأ الضلال في باب العقائد هو تقديم الرأي والهوى والبدعة على نصوص الشرع.
٨. تشابه أهل البدع –على اختلافاتهم الشديدة- في موقفهم من النصوص التي تخالف أهواءهم، وقد بان ذلك في توارثهم للمنهج نفسه في رد النصوص بدعوى دلالتها على الباطل والمحال، ومعارضتها للعقل أو الذوق أو الكشف.
٩. أن نصب المعارضة بين العقل والنقل دليل على الجهل بهما، لأن الصريح والصحيح منهما لا يمكن أن يتعارضا بأي حال، كيف وقد كانا من أهم ما أقام الله تعالى به الحجة على العباد، بما ضربه لهم من الأمثال البالغة التي هي الأقيسة العقلية الصحيحة، وبما أنزله من محكم كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
١٠. من أهم ما يلاحظ على تناول أهل السنة للمشكل في نصوص العقيدة: أنهم لم يدرجوا ضمنه نصوص الصفات، ولم يجعلوها هي أصل الإشكال، وإنما يذكرونها في معرض الرد على من اعتبر نصا من النصوص مما يدل على إثبات صفة أو نفيها، فيتخذ ذلك منهجا في النفي والإثبات، والأمر في الحقيقة والواقع ليس كذلك.
ومن التوصيات التي أرى ذكرها في هذا الموضوع، هي:
١. أن المسالك التي اعتمدها علماء أهل السنة في درء التعارض بين النصوص، أو بين العقل والنقل، أوفي حل ما يشكل معناه على بعض الفهوم كثيرة جدا، وهذا البحث لم أقصد به الاستقصاء، ولذا ما زال هذا الموضوع مفتوحا لمزيد من الأبحاث والدراسات الدقيقة والمفصلة لتلك المسالك.