وفي نهاية هذا البحث، أحمد الله عز وجل على أن هيأ لي إتمامه على هذا الوجه، وأسأله أن يكون مفيداً للمشتغلين بالسنة النبوية، وأن يكون سبباً للكتابة حول تحديد معنى هذا المصطلح عند بقية الأئمة .. ويحسن في خاتمته أن أذكر أهم نتائجه، والتي تتلخص فيما يلي:
١ - بلغ عدد الأحاديث التي حكم عليها الإمام الترمذي بالنكارة: ثمانية أحاديث فقط، وكلها في كتابه السنن؛ حيث لم أقف على شيء منها في كتبه الأخرى.
٢ - تبين أن الحديث المنكر عند الترمذي هو الحديث الذي يتفرد به المتروك، أو من اشتد ضعفه ولو لم يخالِف، ومنه يتبين أن اشتراط المخالفة للراوي الضعيف في الحديث المنكر ليس بدقيق.
٣ - وتبين أيضاً أن الحديث المنكر عند الإمام الترمذي داخل ضمن الحديث الضعيف جداً أو الموضوع؛ حيث وجدنا أن جميع الأحاديث تقريباً أسانيدها ضعيفة جداً، وتفرد بها رواتها الضعفاء جداً، وفي معظمها كانت شواهدها أيضاً ضعيفة، أو ليس لها شواهد؛ ما عدا حديثاً واحداً فقط، وهو الحديث الرابع، وهذا الحديث وقع اختلاف في نسخ الترمذي حول الحكم عليه بالنكارة.
٤ - كما ترجح لي أن الإمام الترمذي لا يَعتبر تفرد الضعيف فقط حديثاً منكراً، ويؤيد هذا أنه أخرج حديثاً من رواية المغيرة بن أبي قرة عن أنس، ونقل عن يحيى بن سعيد أنه قال عن الحديث:(هذا حديث منكر)، ثم تعقبه بأن قال:(وهذا حديث غريب من حديث أنس، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقد روي عن عمرو بن أمية الضمري عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا).
وهذا يعني أنه لم يوافق الإمام يحيى على تسميته لهذا الحديث بأنه منكر؛ وذلك أن المغيرة - وإن كان مجهولاً - إلا أن الحديث قد روي من وجه آخر، وقد أخرجه من حديث عمرو بن أمية ابن حبان وغيره، وهو حديث حسن.
كما وجدناه يعبر أحياناً كثيرة عن الأحاديث التي ينفرد بها راو ضعيف بقوله: حديث غريب، أو نحوها، دون أن يقرنه بالصحة أو الحسن.
٥ - كما تبين أن الإمام الترمذي لم يتفرد بالحكم على هذه الأحاديث بالنكارة؛ حيث وافقه عدد من الأئمة في كثير من هذه الأحاديث، كما تقدم النقل عنهم في ثنايا البحث.