يلحظ القارئ من خلال هذا البحث تعظيم علماء الأمة لدين الله تعالى، وخوفهم أن يفتتن المسلمون في دينهم من قبل الأعداء. ويرون الهجرة من الأرض التي غلب عليها اليهود والنصارى، لا زهداً في ممتلكات المسلمين – إذ هم أحرص الناس على مصلحة الأمة – ولكن للحفاظ على دينهم وأعراضهم وأخلاقهم وسلوكهم ودمائهم.
وهم يحذرون من أن يألف المسلمون الكفر ومظاهره، ويخشون أن يكادوا أو يقهروا أو يتطبّعوا. وهم يرون أن الهجرة طريق الجهاد وسبيل العزّة والمجد.
وقد أوجب علماؤنا على كل مسلم خشي الفتنة، ولم يتمكن من أداء الطاعات أن يهاجر، واستحبّوها لمن أمنها وتمكّن من أداء الطاعات.
وقد فصّل العلامة الونشريسي – رحمه الله – القول في أمر الفتنة في ضوء فقه الواقع وواقع الفقه، - كما تقدّم – فأثبت عدم جواز الإقامة، ببراهين ساطعات، وحجج باهرات، من خلال واقع الزوجات والأبناء والذريات.
هذا آخر ما وفقني الله تعالى لكتبه، وأرجو الله تعالى أن يتقبله مني وأن ينفع به إخواني المسلمين، إنه سميع مجيب.