[عقيدة الإمام ابن عبدالبر في التوحيد والإيمان]
المؤلف/ المشرف:سليمان بن صالح بن عبدالعزيز الغصن
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:دار العاصمة - الرياض ̈الأولى
سنة الطبع:١٤١٦هـ
تصنيف رئيس:توحيد وعقيدة ومنهج
تصنيف فرعي:ترجمة مفردة - دراسة شاملة أو جزئية
الخاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .. وبعد ..
فإلى هنا تأتي نهاية هذا البحث، الذي حرصت فيه على التركيز وعلى إيجاز مباحثه قدر المستطاع، وقد توصلت فيه إلى نتائج جليلة وأمور كثيرة. منها.
أولاً: أننا عرفنا فيه الصحيح من اسم ابن عبدالبر وأنه يوسف بن عبدالله بن محمد بن عاصم النَّمري، وكنيته: أبو عمر، وأنه ولد في قرطبة سنة ٣٦٨هـ، ونشأ في بيت علمٍ وصلاح وأخذ العلم عن مشايخ كثر، وأخذ عنه تلاميذٌ عديدون، وقد صنَّف مصنفات بلغت زهاء الأربعين مصنفاً، وقد توفي –رحمه الله- سنة ٤٦٣هـ.
ثانياً: أن منهج ابن عبدالبر في العقيدة هو منهج أهل السنَّة والجماعة وأنه يعتمد على الكتاب والسنَّة في ذلك، ويرد كل قولٍ يخالفهما أياً كان قائله. ومن ذلك رده على مجاهد في تفسيره المقام المحمود كما سبق بيانه.
ثالثاً: أن من منهجه الأخذ بظاهر النصوص وعدم تأويلها أو ادعاء المجاز فيها؛ لأن ذلك يفضي إلى التلاعب بنصوص الشريعة وعدم الوثوق بها.
رابعاً: أن ابن عبدالبر يرى الأخذ بخبر الواحد الصحيح في العقيدة كما هو منهج أهل السنَّة والجماعة.
خامساً: يرى ابن عبدالبر عدم جواز القياس في باب صفات الباري جل وعلا؛ الكلام في الصفات متوقف على ورود النص. فما جاء في النصوص فيثبت، وما ينفي فينفي وما لم يرد فلا نتكلف في البحث عنه.
فهذه المسألة مبناها على ورود النص فحسب.
سادساً: في مجال الجدل والخوض في مسائل العقيدة يرى –رحمه الله- عدم الخوض في ذلك لأن العقيدة مبناها على التسليم والانقياد، فلا مجال فيها للجدل فالسلامة في الكف عن ذلك، إلاَّ إن اضطر أحد إلى ذلك ليدفع شبهة، أو يرد على خصم فلا بأس حينئذٍ والحالة هذه.
سابعاً: لم يغفل ابن عبدالبر وهو يقرر عقيدة أهل السنَّة والجماعة أن يعرض لبعض المبتدعة وعقائدهم ويرد عليهم، بل إنه يرى هجرهم ومجانبتهم وقطع الكلام معهم.
ثامناً: أن ابن عبدالبر نهج في توحيد العبادة منهج أهل السنَّة والجماعة فهو يرى تحريم اتخاذ القبور مساجد، وتحريم تجصيصها، والبناء عليها كما يرى النهي عن التشاؤم، وعن التصوير، وعن تعليق التمائم الشركية.
وفي مجال الألفاظ يرى النهي عن سب الدهر، وعن الحلف بغير الله، وعن قول مطرنا بنوء كذا وكذا.
فهو في هذا على منهج أهل السنة إلاَّ أن له بعض الاجتهاد الذي لا يوافق عليه ومن ذلك قوله بجواز الصلاة في المقبرة، وجواز التبرك بآثار الصالحين.
تاسعاً: اتضح لنا فيما سبق أن ابن عبدالبر نهج منهج أهل السنَّة والجماعة في باب الأسماء والصفات.
فقد كان من منهجه إثبات الأسماء والصفات الواردة في الكتاب والسنَّة من غير تشبيه ولا تكييف ومن غير تأويل ولا تمثيل، بل يؤمن بها وتمر كما جاءت.
ويقرر في هذا المجال أن الجهل بالكيفية لا يلزم منه نفي الصفة. بل تثبيت الصفة على الوجه اللائق به تعالى.
وقد سبق الكلام عن بعض الصفات التي عرض لها ابن عبدالبر، وقرر فيها مذهب أهل السنَّة والجماعة، مثل صفة: العلو، والاستواء، والنُّزول، والرؤية، والكلام.
وفي هذا المجال يلتزم ابن عبدالبر بنصوص الكتاب والسنَّة، ويعرض عن طريق أهل الكلام وعباراتهم في هذا الباب، مما يجعله ينفي بعض العبارات الكلامية المجمل التي تحتمل حقاً وباطلاً، كلفظ الحركة والجسم والحد.
وقد عرفنا منهج أهل السنَّة في مثل هذه الألفاظ فيما سبق.
عاشراً: أن ابن عبدالبر –وإن كان من على منهج أهل السنَّة من حيث إثبات الصفات الواردة في الكتاب والسنَّة، كما قرر ذلك في عدَّة مواطن من كتبه- إلاَّ أنه اجتهد في بعض الصفات الخبرية، فأولَّها على غير ظاهرها، ولم يلتزم فيها منهجه الأثري، ومن ذلك صفة الضحك كما سبق بيانه.