للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[العمل بالاحتياط في الفقه الإسلامي]

المؤلف/ المشرف:منيب بن محمود شاكر

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:دار النفائس - الرياض ̈الأولى

سنة الطبع:١٤١٨هـ

تصنيف رئيس:فقه

تصنيف فرعي:فقه - أحكام مسائل فقهية منوعة مفردة

الخاتمة

بعد حمد الله تعالى على إتمام هذا البحث، وبعد أن انتهيت من دراسة موضوعاته أسجل هنا أهم ما ورد فيه من نتائج:

١ـ إن تقرير أحكام الشرع لا يكون إلا بالبناء على أصل شرعي، وإن الاجتهاد لا يكون إلا على أصول يضاف إليها التحليل والتحريم، وإنه لا يجتهد إلا عالم بها، وإن الأصل ألا تبنى الأحكام إلا على العلم، وأما البناء على الظن في بعض الأحكام فلكون الضرورة داعية إليه، لتعذّر العلم في أكثر الصور.

٢ـ جاءت الشريعة مستوعبة لجميع الأحكام، فما ترك الله عزّ وجلّ ورسوله ? حلالاً إلا مُبيّناً، لكن بعضه كان أظهر بياناً من بعض، فمنه ما اشتهر بين حملة الشريعة خاصة، فأجمع العلماء على حلّه أو حرمته، ومنه ما يخفى على بعض من ليس منهم، ومنه ما لم يشتهر بين حملة الشريعة فاختلفوا في تحليله وتحريمه بسبب الاختلاف في المأخذ والمستمسك.

٣ـ قد تعرض للمجتهد بعض الشبه، وهي قسمان: شبهة حكمية، وهي التي تقع في الحكم الشرعي، بمعنى أن حكم الشارع غير ظاهر من الدليل على وجه العلم أو الظن. وشبهة محلية، وهي التي ترد على المحكوم فيه الذي هو محل الحكم من حيث دخوله تحت حكم الشارع من حل أو حرمة أو غير ذلك. وذلك يعود على مناط الأدلة، وليس على الدليل.

٤ـ الاحتياط في اللغة: افتعال من الحَوْط، وأما الحاء والياء والطاء فليس أصلاً لهذا الاسم. والاحتياط مصدر من الفعل احتاط، وما ذكره اللغويون عن معنى الاحتياط يدور حول الحفظ، والمنع، والأخذ في الأمور بالحزم والثقة. وأنه يستخدم ـ أحياناًـ في كتب الفقه مكان لفظة الاحتياط لفظ الأحوط، وهو لفظ شاذ لغة، لأن أفعل التقضيل لا يأتي من غير الثلاثي.

والناظر في كتب الفقه يجد أن اللفظين كليهما مستعمل دون تفريق بينهما، ولكن التركيب اللغوي لهما مختلف، ولذلك وجب أن يكون بينهما اختلاف، إذ اختلاف المبنى يدلّ على اختلاف المعنى، فـ (الاحتياط) مصدر للفعل احتاط، و (الأحوط) أفعل تفضيل منه، وأفعل التفضيل يفيد زيادة على المصدرية، فالأحوط آكد من الاحتياط.

وأما التعريف الاصطلاحي المناسب للاحتياط ـ في نظري ـ فهو: الاحتراز عن الوقوع في منهي أو ترك مأمور عند وجود الاشتباه.

٥ـ هناك فرق بين الاحتياط والتوقف، فالاحتياط يكون نتيجة للتوقف، معنى أن الحكم بالعمل بالاحتياط لا يتمّ إلا بعد التوقف لعدم اتضاح الدليل أو عدم معرفة الحكم الشرعي في المسألة النازلة.

٦ـ يظهر أن التحفّظ أعم من الاحتياط، إذ هو معنى لغوي لم يقيّد باصطلاح معيّن، وهو قريب من معنى الاحتياط اللغوي.

٧ـ ينقسم الاحتياط من حيث مصدره إلى نوعين: احتياط عقلي، واحتياط شرعي. وينقسم من حيث الفعل والترك إلى ثلاثة أقسام: احتياط في الفعل، واحتياط في الترك، والجمع بين أمرين مع التكرار.

ويكون الفعل لتحصيل منفعة، ويكون الترك لدفع مفسدة، والتوقف يكون لتساوي الأمرين معاً بالنسبة للمجتهد.

٨ـ إن المجيزين للعمل بالاحتياط هم الجمهور، ويتبيّن ذلك من احتجاجهم به في مصنفاتهم وفتاويهم ومسائلهم. وهناك أدلة كثيرة يُستدلّ بها للعمل بالاحتياط، منها ما هو في ووجوب العمل بالاحتياط، ومنها ما يدلّ على أنه مندوب لا على أنه واجب.

٩ـ أنكر ابن حزم قاعدة العمل بالاحتياط، ومردّ ذلك راجع إلى نزعته الظاهرية، وإبطاله للرأي والقياس والاستحسان. ولم أطلع على كلام أحد من العلماء ينكر فيه قاعدة الاحتياط بالكلية إنكاراً مطلقاً، وقد نجد من ينكر دخول الاحتياط في مسائل معينة. وقد ترجّح عندي حجية العمل بالاحتياط.

<<  <  ج: ص:  >  >>