للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠ـ الأحكام التكليفية الخمسة تدور على العمل بالاحتياط ـ فقد يكون الاحتياط واجباً، وقد يكون مندوباً، وقد يكون محرّماً، وقد يكون مكروهاً، وقد يكون مباحاً.

١١ـ عند اختلاط المباح بالمحظور لا يخلو أن يكون المحظور محرماً لعينه، أو محرماً لكسبه. فإذا كان المحظور محرماً لعينه فإنه إذا خالط حلالاً وظهر أثر الحرام في الحلال فإنه يحرم تناول الحلال، لأن ما كان من ضرورات الحرام يكون حراماً، فيجب الاحتياط بالامتناع عن الخلط كله. وتغليب التحريم هو من باب الاحتياط، لأن العمل بمقتضاه يخلص عن المحذور يقيناً بخلاف العمل بالحل فإنه لا يخلّص لاحتمال المحذور في الواقع فيقع فيه.

وإن لم يظهر أثر الحرام في الحلال فلا يحرم الخليط، فإن العين المنغمرة في غيرها إذا لم يظهر أثرها تكون كالمعدومة حكماً. ولا يظهر أثر الحرام المخالط للحلال في ثلاث حالات: استهلاك الحرام في الحلال، واستحالة المحظور لعينه، وإزالة المحظور.

١٢ـ يُعفَى عن يسير المحظور المختلط بالمباح الكثير. وقد استحبّ بعض العلماء ترك يسير المحرّم من باب الاستحباب. وتحديد يسير المحرّم يرجع فيه إلى العرف.

وإذا كان المحظور محرماً لكسبه، فإن أمكن تمييزه وجب، وإن لم يمكن فيه التمييز فلا يخلو من أن يكون محصوراً أو غير محصور. فإذا اختلط حلال محصور بحرام محصور، أو حلال محصور بحرام غير محصور، فإن الاحتياط يُشرع فيهما. وأما إذا اختلط حرام محصور بحلال غير محصور، أو حرام غير محصور بحلال غير محصور فإنه لا يُشرع الاحتياط. ولكن يقال: كلما كثر الحرام تأكّد الورع، وكلما كثر الحلال خفّ الورع.

وأما ما يمكن فيه التمييز فإنه يخرج عين الحرام. فإذا كان الحرام المختلط بالحلال غير مستهلك وأمكن تمييزه وجب. وإن كان مثلياً أخرج مثله.

١٣ـ إذا اشتبه المباح بالمحظور وجب اجتناب المشتبه، لأن الوصول إليه غير ممكن. فإن كان له بدل انتقل إلى البدل وترك المشتبه. وذلك أنه تعذّر الوصول إلى المباح فوجب الكفّ والاجتناب والعدول إلى ما لا ريبة فيه ولا شبهه، وهو مما لا تقتضي الضرورة تناوله لوجود بدله.

١٤ـ الاحتياط لأمور العبادة عند الاشتباه واجب، لأن يقين الأداء لا يتمّ إلا بالتأكد من تحقق جميع شروطها وأركانها. وإذا استطاع تحصيل اليقين ترك المشتبه.

١٥ـ ليس في الشريعة شيء مشكوك فيه البتة، وإنما يعرض الشكّ للمكلف. فإذا كان للمشكوك فيه حال قبل الشك فإن المكلف يستصحب ما كان قبل الشك ويبني عليه حتى يتيقن الانتقال عنه. فالشك لا يبنى عليه حكم شرعي إذا كان هناك أصل استصحب على خلافه، فإنه إذا وجد الأصل المستصحب فهو يقين لا يعدل عنه إلى العمل بالظن وجوباً، وإذا فُقد تعيّن العمل بالظن ندباً.

والشك على ثلاثة أضرب: شك طرأ عل أصل حرام، وشك طرأ على أصل مباح، وشك لا يعرف أصله. فما لا يتحقق أصله، ويتردد بين الحظر والإباحة، فالأولى تركه.

ويكون الاحتياط عند حصول الشك الموجب للشبهة، أما إذا حصل شك لا يوجب الشبهة فلا يعمل بالاحتياط. لأن الشك عبارة عن اعتقادين متقابلين نشآ عن سببين، هذا يعني أن ما لا سبب له لا يكون شكاً يوجب الشبهة التي يشرع الاحتياط لها.

١٦ـ إبراء الذمة واجب، فيكون الاحتياط لأجل إبراء الذمة واجب أيضاً، سواء كان ذلك في الإثبات أم في الإسقاط.

١٧ـ الشك في وجوب الشيء أو عدمه لا يوجب الفعل، لأن الأصل براءة ذمة المكلف من التكليف، ولكن يستحب فعل المشكوك في وجوبه.

١٨ـ الأصلان إذا تعارضا في لوازمهما قد يعطي كل أصل حكمه وإن تناقضا. وقد يعبر عن ذلك بأن اختلاف اللوازم قد لا يؤثر في اختلاف الملزومات.

<<  <  ج: ص:  >  >>