الخاتمة: لتعلم أخي المسلم أن المسح على الخفين – أو ما في معناهما – سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد عمل بها أصحابه – رضي الله عنهم أجمعين – من بعده، ولم يعرف من بينهم نكير لذلك؛ ومن ثبت عنه إنكاره فقد ثبت عنه القول به أخيراً ليوافق جمهور الصحابة، بل إجماعهم – رضي الله عنهم -.
فلا ينبغي للمسلم بعد هذا البيان أن يرغب عن هذه السنة؛ لأن من رغب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم فليس منه كما أخبر هو صلى الله عليه وسلم – فيما رواه الشيخان عن أنس من حديث طويل-: "فمن رغب عن سنتي ليس مني".
إلا أن يكون المسلم آخذاً بالعزيمة، مع العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال – فيما رواه أحمد وغيره بسند صحيح، عن ابن عمر-: "إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته".
ولكن لو فعل المرء المسلم أن الله – عز وجل – أمر بطاعته سبحانه، وبطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم باتباع سنته في غير ما موضع من كتابه المبين فقال سبحانه:{قُلْ أَطِيعُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ}[آل عمران: ٣٢]، وقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}[النساء: ٥٩]، وقال:{وَأَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ}[المائدة: ٩٢]، وقال عز وجل:{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}[النور: ٥٤]. إلى غير ذلك من الآيات الحاثة على طاعته سبحانه، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم. كما وعد سبحانه من يطيعه ويطيع رسوله بالجنة والفوز والهداية، فقال سبحانه:{وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[النساء: ١٣]، وقال عز وجل:{وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}[النور: ٥٢]، وقال جل ثناؤه:{وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} أي الرسول صلى الله عليه وسلم: [النور: ٥٤]. كما بين سبحانه أن من أطاع الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أطاعه فقال سبحانه:{مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ}[النساء: ٨٠].
كما حذر سبحانه من مخالفته ومخالفة رسوله صلى الله عليه وسلم فقال جل ذكره:{وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ}[النساء: ١٤]، وقال سبحانه:{وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}[الأحزاب: ٣٦]، وقال جل وعلا:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[النور: ٦٣].
كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن دخول الجنة لن يكون إلا باتباع هديه فقال، فيما رواه البخاري، عن أبي هريرة:"كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى". قالوا: يا رسول ومن يأبى؟ قال:"من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى". وقال صلى الله عليه وسلم – من حديث طويل رواه مسلم، عن أبي هريرة:-: "ألا ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال. أناديهم: ألا هلم! فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول سحقا سحقاً".