للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مقاصد الشريعة عند الإمام العز بن عبدالسلام]

المؤلف/ المشرف:عمر بن صالح بن عمر

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:دار النفائس- الأردن ̈الأولى

سنة الطبع:١٤٢٣هـ

تصنيف رئيس:أصول فقه

تصنيف فرعي:مقاصد الشريعة

الخاتمة

في ختام جولتي مع هذا الرجل العملاق في علمه وورعه وجهاده أقف معه وقفتين توديعيتين حتى ألقاه في جنات الخلد إن شاء الله.

الوقفة الأولى: بعض نقاط الجديد عند الإمام العز.

ليس المراد بالتجديد تغيير حقائق الدين الثابتة القطعية لتلائم أوضاع الناس وأهواءهم ولكنه تصحيح للمفاهيم المترسبة في أذهان الناس عن الدين وتعديل لأوضاعهم وسلوكهم وفقا لتعاليمه وإرجاعه غضا طريا بعد أن تراكم عليه البدع والانحرافات.

وكل هذا ينطبق على إمامنا العز – رحمه الله – فقد أمات البدع، وأحيا السنن، كما حارب التقليد وأحيا الاجتهاد ومارس دور العالم المجاهد في قيادة الأمة فالتف الناس حوله واتخذوه إماما بدون منازع – كما مر معنا في ترجمته - وهو جدير بذلك فقد كان يدافع عن مصالح الأمة بيده وبلسانه وبقلمه ويحفظ حقوقها ويدرأ عنها كل المافسد.

ومن نقاط التجديد عند الإمام ما يلي:

- النقطة الأولى: سعي الإمام لتقنين أصول الفقه.

يظهر سعي الإمام لتقنين أصول الفقه فيما نلاحظه أثناء دراسة كتابه قواعد الأحكام في مصالح الأنام من تفريعات واستثناءات وشواهد وضوابط انظر مثلا حديثه عن النسيان وما يتعلق به وما يسقط به وما لا يسقط به وضابطه

وكذلك في حديثه عن المشقة وأنواعها وضوابطها

وكل ما يحتاج إلى ضابط فإن الإمام يغفل عن تجديد ضابطه فها هو يقول مثلا: "والضابط أن اختلال الشرائط والأركان إذا وقع لضرورة أو حاجة فإن لم يختص وجوبه بالصلاة كالستر فإن كان في قوم يعمهم العري فلا قضاء عليه لما فيه من مشقة ...

ويواصل في تحديد ضابط ما يتدارك إذا فات بعذر وما لا يتدارك مع قيام العذر.

وهكذا توجهت همة الإمام إلى تجديد بناء العقلية الإسلامية بالتأكيد على العقلية الأصولية التي لا ينبغي أن تغرق في الجزئيات وإنما اختصرها في كليات وضبطها في قواعد لمواجهة مستجدات الحياة مهما تعقدت وتشبعت ويبدو هذا جليا في الثروة الهائلة من القواعد التي خلفها لنا الإمام – رحمه الله – متناثرة في كتبه هذه القواعد التي تتوجه بالهمم والأنظار نحو المستقبل لتواكب تطور الحياة عن وعي وإدراك وتلبي احتياجات العصر المتغيرة عبر الزمان والمتنوعة عبر المكان أما الفروع فغالبا ما تعني بالماضي لتحكم له أو عليه.

والقواعد التي ذكرها الإمام كثيرة أقتصر على نماذج منها تمهيدا لبحثها بحثا مستقلا بإذن الله تعالى.

- أولاً القواعد الفقهية:

١ـ تحصيل مصلحة الواجب أولى من دفع مفسدة المكروه

٢ـ تصرف الولاة ونوابهم بما هو الأصلح للمولي عليه

٣ـ لا يقدم في أي ولاية إلا أقوم الناس بمصالحها ودرء مفاسدها

٤ـ لا يجوز تعطيل مصالح صدقها الغالب خوفا من وقوع مفاسد كذبها النادر

٥ـ حفظ البعض أولى من تضييع الكل

٦ـ حفظ الموجود أولى من تحصيل المفقود

٧ـ تحمل أخف المفسدتين دفعا لأعظمهما

٨ـ دفع الضرر أولى من جلب النفع

٩ـ الأصل في الأموال التحريم ما لم يتحقق السبب المبيح

ويمكن القول بأن الإمام قد ألقى أوسع ما يمكن من الضوء على قاعدة جلب المصالح ودرء المفاسد وأظهر باستقرائه جريانها في مسائل لا تحصى وأحكام لا تعد أصليها وفرعيها حتى استطاع أن يرجع الفقه كله إلى هذه القاعدة الشاملة الجامعة الأصيلة " اعتبار المصالح ودرء المفاسد"

ب ـ في مراعاة التخفيف ورفع الحرج:

١ـ لا يسقط المقدور عليه بالمعجوز عنه

٢ـ الأشياء إذا ضاقت اتسعت

٣ـ قد وسع الشرع في النوافل ما لم يوسعه في الفرائض

٤ـ الضرورات مناسبة لإباحة المحظورات جلبا لمصلحتها

<<  <  ج: ص:  >  >>