[موقف الإسلام من نظرية ماركس للتفسير المادي للتاريخ]
المؤلف/ المشرف:أحمد العوايشة
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:دار مكة - مكة المكرمة ̈الأولى
سنة الطبع:١٤٠٢هـ
تصنيف رئيس:ثقافة عامة
تصنيف فرعي:شيوعية
الخاتمة
وفي نهاية هذا البحث، بعد أن منَّ الله عز وجل عليّ فأبطلت بمنهج علمي وعقلي ادعاءات الفكر الشيوعي فيما أسموه بالتفسير المادي للتاريخ، والأسانيد التي اعتمد عليها هذا الفكر المزيف. أقدم للقارئ الكريم أمهات القضايا التي تبيّن لي بالمناقشة العلمية بطلانها وأهمها:
أولاً ـ فيما يتعلق بالظروف التي مهدت لانتشار التفكير المادي في أوروبا، فقد توصلت إلى النتيجتين التاليتين:
(أ) الفكر المادي ليس من ابتداع ماركس، بل هو ضارب في أطناب الزمن حيث يعود إلى عهد الحضارتين الإغريقية والرمانية.
(ب) ما كان للتفكير المادي أن ينتشر لو أن الكنيسة حكمت بشرع الله ولم تحل بين الناس وبين اعتناق الدين الإسلامي.
ثانياً ـ وفي الباب الأول لم أناقض نظريات الماديين، بل عرضتها عرضاً أميناً كما جاءت من وجهة نظرهم، وأبرزت الأهداف التي يسعون إلى تحقيقها وعلى سبيل المثال إن قولهم بأزلية المادة وأبديتها يستهدف إنكار وجود الله سبحانه وتعالى.
ثالثاً ـ أما الباب الثاني والذي خصص لمناقشة النظرية، فقد توصلت فيه إلى النتائج التالية:
(أ) ناقشت أزلية المادة وأبديتها وأسبقيتها في الوجود على الفكر، وأظهرت لي البحوث العلمية بطلان هذا الادعاء من أساسه، وأن المادة حادثة خلقها الله بعد أن لم تكن، وأن مصيرها إلى الفناء، كما ظهر لي تراجع الماركسيين عن القول بأسبقية المادة في الوجود على الفكر.
(ب) توصلت بالأدلة العلمية إلى بطلان فهم الماديين لقوانين المادة في ذاتها، كما وجدت أن التطور لا يكون دائماً صاعداً، وأن التغير هو الموجود بالفعل، وقد يكون نحو الأدنى أو الأعلى. وأن التناقض غير موجود في المادة. وأن الماديين خالفوا علم المنطق في فهمهم لقانون التناقض، وأنهم يقفون بقانوني التطور والتناقض عن العمل عند حدود الشيوعية، وهذا العمل مخالف للمنهج العلمي، كما أن قوانين المادة لا تنطبق على الإنسان لأنه كائن ذو حرية وإرادة منحهما الله سبحانه وتعالى له.
(ج) وجدت من خلال البحث أن نظرية التطور لم تصل إلى درجة الحقيقة العلمية، وأن كثيراً من العلماء في أوروبا لم يتقبلوها على أنها حقيقة علمية، وإنما لأنه لا يوجد بديل عنها سوى الإيمان بالله سبحانه وتعالى، وهذا مما يحرم التفكير فيه عند كثير منهم، وذلك راجع إلى حماقة الكنيسة التي كرَّهت الناس بالدين ونفَّرَتهم منه، كما أنه لو صحت هذه النظرية فإنها لا تنطبق على الإنسان لأنه كائن متفرد له قوانين خاصة يسير عليها في حياته تختلف عن قوانين الحيوانات.
(د) وتوصلت إلى أن العامل الاقتصادي هو أحد العوامل المؤثرة في حياة الإنسان، وأن أدوات الإنتاج تحقيق لفطرته، وأن حصره في نطاق البحث عن الطعام والشراب خرافة لا تستند إلى دليل علمي، وأن السبب في تغيير النظام لا يعود إلى أدوات الإنتاج، لأن دولاً كثيرة تملك أدوات إنتاج متماثلة مع أن أنظمتها مختلفة، كما اتضح لي أن القول بالحتميات مخالف للمنهج العلمي، وأن نظرية الاحتمالات هي النظرية السائدة في ميدان العلوم اليوم. وأن حتمية التطور خرافة، فقد تجاوزتها الشيوعية بانتقالها من المرحلة الإقطاعية إلى المرحلة الاشتراكية دون أن تمر بالمرحلة الرأسمالية.
ووجدت أنهم لا يملكون الدليل العلمي القاطع على أن الناس في المجتمعات الأولى كانوا يعيشون في شيوعية عامة، لا جشع فيها ولا طمع ولا نهب ولا استغلال.