للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الزواج بنية الطلاق حقيقته وحكمه وآثاره]

المؤلف/ المشرف:أحمد بن موسى السهلي

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:مكتبة دار البيان الحديثة - الطائف ̈الأولى

سنة الطبع:١٤٢٢هـ

تصنيف رئيس:فقه

تصنيف فرعي:نكاح - طلاق وخلع وفسخ ونشوز

الخاتمة: لقد أرسلنا أشعة البيان على قضية "الزواج بنية الطلاق" وعرضنا في هذا البحث الآثار المدمرة التي تتمخض عن القول بجوازه، ودفعنا الرأي هذا ببراهين بينة لا تدفع، مكشوفة لم تتقنع. مشكاة التنزيل معتمدها، وهدي النبوة مصدرها، وآراء الأئمة تدعمها، ومقاصد الشرع تصدقها.

ثم وضحنا ما آلت إليه فتوى الجواز من تذرع المترخصين بواسطتها إلى الاستمتاع الحرام، وانتهاك الأبضاع بدون ملام، وقد هز هؤلاء أركان الأسرة هزا عنيفاً ووأدوا في مستنقع الخديعة مقاصد نكاح الرغبة، الذي ارتضاه الله سبحانه لنا شرعاً ورتب عليه أحكاماً، واختار بناء الأسرة على هذا الأساس تحقيقاً للتكاثر، وتلخصت النقاط التي نتجت عن هذا البحث يما يلي:

أولا: إن الزواج بنية الطلاق – هو نكاح المتعة ذاته، بل هو أسوأ منه من عدة نواحي. أما اعتباره نكاح متعة فلأن هذا النكاح الذي رخص فيه في أول الإسلام للضرورة مداره وعمدته توقيت النكاح، ثم حرمه الله تعالى إلى يوم القيامة، وسد هذا الباب ولا فرق بين التصريح بالتوقيت أو نيته من قبل الزوج، الذي بيده عقدة النكاح، ولذلك أطلق عليه أئمة متقدمون ومتأخرون بأنه نكاح متعة، وعابوه ونشروا مساوئه، وأعلنوا أضراره وتعدد مفاسده.

وأما كونه أسوأ من نكاح المتعة، فلأنه بالإضافة إلى نية التوقيت فيه فقد دخله الغش والتدليس على المرأة وأسرتها، ونبذ مقاصد النكاح، وطرح تلك الأهداف السامية التي أراد الله تعالى تحقيقها عبر هذا الزواج الشرعي.

ثانيا: تبين أن الإمام أحمد نص على أن هذا النكاح نكاح متعة وعليه جرى أصحابه كما أوضحنا ذلك، باستثناء الموفق أبي محمد صاحب المغني، وقد ناقشنا رأيه في موضعه، وقد قال في الإنصاف [الزركشي على مختصر الرخفي ٥/ ٢٢٩] بأن الأصحاب على خلافه. نعم للإمام أحمد نص في المسألة بأن الزواج بنية الطلاق شبيه بالمتعة. وهذا أيضاً يقتضي بطلانه وتحريمه. فقد قال الزركشي [الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ٨/ ١٦٠ - ١٦١]: "لأنه شبيه بالمتعة، والشبيه بالشيء يعطي حكمه، بيان الشبه أنه ألزم نفسه فراقها في وقت بعينه، والمتعة النكاح فيها يزول في وقت بعينه" اهـ.

ثالثا: تبين أن شيخ الإسلام ابن تيمية في اختياراته جزم بتحريم هذا الضرب من النكاح وسوى بينه وبين نكاح التحليل، وفرع على هذا الأساس، وتعجب من جزم أبي محمد بصحته، وأما رأيه الأول الذي قال فيه بأن هذا العقد دائر بين الكراهة والتحريم فقد كان في حكمه متردداً غير جازم، وتابعاً فيه فيما يبدو لأبي محمد، ثم استبان له الأمر فجزم بحرمته. وقال الشيخ صالح اللحيدان [مقدمة الزواج بينة الطلاق ص ١٥]: "وكون شيخ الإسلام له رأيان في المسألة: رأي يؤيد صحة هذا النكاح، وآخر يبطله؛ يحملنا على أن نقول: الجدير بشيخ الإسلام أن يكون رأيه الخاص بإباحة هذا النكاح كان في أول أمره تبعاً للموفق، ومن كان على هذا القول، ثم استبان له الرأي بعد اتساع دائرة علمه، وإحاطته بالسنة ومقاصد الشريعة، وتعمقه في الغوص على مدلولات النصوص، وحكمة التشريع فصار إلى خلاف الرأي الأول، ولاشك أن كل إنسان يؤخذ من قوله ما وافق الدليل، ويستغني عما خالف الدليل بالدليل نفسه، أو ما فهم منه والواجب الأخذ بما اتفق مع حكمة التشريع، وانسجم مع أدلة الكتاب والسنة" اهـ.

رابعاً: عرضنا قول أهل العلم أن علة تحريم المتعة هو التوقيت، وهو ينطبق على مسألتنا، وبناء على ذلك فإن أدلة تحريم المتعة تتناول "الزواج بنية الطلاق" لوجود التوقيت المنوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>