الخاتمة: وفي نهاية المطاف اتضحت لنا أهمية الإمامة ودورها في الدعوة إلى الله، وإن مما يساعد على القيام برسالة المسجد على الوجه الصحيح اختيار الإمام المناسب في علمه ودينه وخلقه، ولقد خلصت من هذه الدراسة المختصرة لإمام المسجد ودوره في الدعوة إلى نتائج أهمها ما يلي:
أولا: إن إمامة المسجد لها فضل عظيم مع الإتمام وأنها أفضل من الأذان، ولكن عند تقصير الإمام فيها فإن عليه إثم عظيم ووزر كبير قد وردت الأحاديث الصحيحة ببيان ذلك فينبغي للإمام أن يحذر من هذا فإن كان أهلا للإمامة فليستعن بالله وليؤدها على الوجه الصحيح وإن كان ليس من أهلها فما عليه إلا أن يفسح المجال لغيره من القادرين على التوجيه والنصح والإرشاد ولا يكن همه تلك المكافأة التي يأخذها في نهاية كل شهر فإن الأمر جد خطير.
ثانيا: إن إمام المسجد - وخاصة الجامع - له دوره الكبير في الدعوة إلى الله وهداية الحيارى وإصلاح الفاسدين، ولن يتكلل جهده بالنجاح إلا إذا سلك الطريق الأقوم، وكان داعية بحاله قبل لسانه يؤيد منهجه بالحكمة والموعظة الحسنة، كما أن إمامة المسجد أمر لا يؤخذ إلا بحقه فهنالك صفات لا بد أن يتحلى بها الإمام، وآداب لا بد أن تتوفر فيه ليستطيع من خلالها تأدية دوره، فإن فقدت هذه الصفات والآداب فيه فغيره بها أجدر. ثالثا: أن على إمام المسجد واجبات كثيرة منها ما يتعلق بصلاة من خلفه ومنها ما يتعلق بتوجيه من حوله، فينبغي عليه أن يحذر من التقصير في شيء من هذا فيكون ممن ضيعوا الأمانات التي ائتمنوا عليها وسيسألهم الله عنها يوم القيامة. ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، إماما ومربياً ومعلما، ومرشدا، فعلى الإمام أن يدرس سيرته عليه الصلاة والسلام ويستفيد منها.
رابعا: أن خطبة الجمعة مجال عظيم الفائدة في دعوة الناس وتوجيههم نحو تعاليم الإسلام الصحيحة إذا كلف بها الداعية المخلص لدينه وأمته، وأما إذا تركت بأيدي أناس لا يحسنون الخطابة ولا يهتمون بها بل جعلوها مصدر رزق لهم؛ فإن هذا سيكون من الأمور التي تسهم في جهل المسلمين وحجب النور عنهم.
فعلى ولاة الأمر في بلاد المسلمين أن يولوا هذا الأمر عناية تامة وأن لا يعين أحد خطيبا إلا إذا كان أهلا لذلك. هذا آخر ما تيسر لي كتابته والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد.