للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المنهج الحديثي عند الإمام ابن حزم الأندلسي]

المؤلف/ المشرف:طه بن علي بوسريح

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:دار ابن حزم - بيروت ̈الأولى

سنة الطبع:١٤٢٢هـ

تصنيف رئيس:علوم حديث

تصنيف فرعي:دراسات توثيقية ومنهجية

الخاتمة

بعد دراستي لبعض الفهارس الأندلسية والكتب التي اهتمّت بتراجم المغاربة، توصّلت إلى الوقوف على العديد من الشيوخ المحدثين الذين أثّروا في شخصية ابن حزم المحدث. كما وقفت على طائفة من مؤلفاته مما ذكرها من ترجم له والتي ذكرها هو في كتبه مع ذلك أغفل ذكرها من اهتّم بابن حزم من المعاصرين لا سيما وفي هذه المؤلفات جملة كبيرة ذات موضوعات حديثية.

١ـ بيّنت مدى عطاء المدرسة المغربية في الميدان الحديثي من خلال التعّرض لأهم المشاركين في النهضة العلمية، منذ نهاية القرن الثاني إلى قريب من عهد ابن حزم. فأظهرت بذلك جوانب من التاريخ العلمي لا تزال تحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة.

٢ـ ذكرت آراء العلماء حول ابن حزم وأوجه الانتقادات الموجهة له فحاولت التوفيق بين من أفرط فيه القول وتعصب ضدّه، وبين من نافح عنه وقدّر علمه.

٣ـ حاولت بيان آرائه الحديثّية، والكشف عن القواعد التي تبّناها، والتي سار وفقها في رواية الأحاديث. ووضعت تلك الضوابط في ميزان النقد فذكرت مواقف العلماء من آرائه وأبرزت مدى مخالفته جمهور المحّدثين في بعض المسائل وأشرت إلى أنّه لم يخل من تأثر بمذهبه الظاهري في ذلك مثل قوله ببطلان الرواية بالإجازة. وتبين لي أنه متأثر بالاتجاه المغربي في مثل قوله بعدم التفريق بين التحديث والإخبار حين الرواية أو بين صيغة الإفراد وصيغة الجماعة.

٤ـ وتبيّن لي أن ابن حزم كان يوافق جمهور المحدثين في الرواية تارة مثل قوله في عدم الاحتجاج بالمرسل وردّه مطلقاً ـ ومخالفتهم تارة أخرى مثل عدم احتجاجه في الرواية بالإجازة وردها دون تفصيل بين أنواعها. كما أنه قد يوافق طائفة من علماء الحديث ويخالف طائفة أخرى مثل قوله في الرواية بالمعنى وتشدّده في وجوب التعبير بلفظ الحديث كما سمع.

٥ـ أوضحت عن جوانب التشدّد التي عرف بها ابن حزم مثل كثرة ردّه للأحاديث التي كان ضعفها يسيراً أو محتملاً وبينت أنّ الضعيف عنده مرتبة واحدة وأنه من قسم المردود غير المعتبر. كما اتضح لي أنه لا يقول بالحديث الحسن لذاته ولا لغيره فالضعيف لا يتقوى عنده بالطرق والشواهد. فالرواية عنده قسمان فقط صحيحة مقبولة أو ضعيفة مردودة. وهذا ما جره إلى الوقوع في كثير من الأخطاء استدركها عليه نقّاد المحدثين الذين جاءوا بعده فعابوا عليه التسرع في الحكم على الأحاديث دون استيعاب طرقها وألفاظها وفحصها الفحص الجيد.

٦ـ تبين من خلال حديثي عن منهجه في الجرح والتعديل أنه من المتشدّدين بل إنه من المبالغين في الجرح لأدنى سبب حتى صار عرضةً لانتقادات من جاء بعده من العلماء الذين تتبعوا أحكامه في الرجال وأبانوا عن كثير من المزالق التي وقع فيها هذا المحدث. كما بيّنت أنه قد أكثر من تجهيل الرواة وهذا ما يجعل الباحث يتأنّى في الحكم على حديث معين إذا وجد فيه كلاماً لابن حزم في أحد رواته، ولا بدّ من مراجعة أقوال غيره من علماء الجرح والتعديل قبل إصدار حكم في ذلك.

٧ـ بدا لي ابن حزم غير منضبط في تطبيق قواعده النقدية مثل عدم اعتداده بجهالة الصحابي إذا صح السند إليه واعتبار ذلك الحديث من قسم المردود مع أنه قد قبل بعض المرويات التي لم يصرح فيه باسم الصحابي.

٨ـ إن لابن حزم منهجاً معيّناً في تعليل المرويات يخالف منهج جمهور المحدّثين مثل رأيه في عدم التضعيف بالاضطراب وقوله في تبرئة الراوي الثقة من الخطأ في أغلب الأحيان ...

٩ـ إن نقد ابن حزم للمرويات لم يكن مقتصراً على السند فقط بل إنّ له مشاركة قوية في نقد المتن ما يجرّني إلى القول أنه لم يكن ظاهرياً صرفاً في المجال الحديثي كما قد يظنّه بعض من لا يعرفه.

١٠ـ كان لابن حزم الأثر الواضح في بعض علماء الحديث الذين أتوا من بعده مثل الحافظين عبدالحق الإشبيلي وابن القطّان الفاسي لا سيما الثاني منهما فقد تبنى عدة قواعد حديثية نصّ عليها ابن حزم وطبقها مما يفتح باباً للباحثين حول مزيد الدراسة والبحث والمقارنة ومتابعة المسيرة التاريخية للحديث في المغرب العربي عامة وفي الأندلس خاصة.

١١ـ وأخيراً، فهذا جهد المقلّ فما كان من صواب فهو من الله تعالى وما كان من خطأ فمنّي ومن الشيطان، والحمد لله أولاً وآخراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>