الخاتمة: وبعد، فهذا آخر ما يسر الله لي كتابته عن المسجد ونشاطه الاجتماعي وأرجو أن أكون قد وفقت في الكتابة، وجمعت فيه ما تحصل به الفائدة وأكون قد دللت على الطريق الأقوم الذي يجب أن يكون عليه المسجد في هذا العصر الذي كادت رسالة المسجد فيه أن تنسى، ونشاطه أن يدرس، فلعل في هذا المكتوب تذكيرا وتنبيهاً، وفي الموضوعات المطروحة بالبحث بياناً وتفصيلا، وفي العرض لما كان عليه المسجد قديما من النشاط والحيوية دليلا وحده، وفي النماذج من مساجد النشاط على مدار التاريخ قدوة، وفيما تعرضنا له من الآثار الناتجة عن الإهمال في هذا الصدد عبرة وعظة وتذكيرا، وفي المقارنة بين الماضي والحاضر تصحيحاً وتشميرا للجد والاجتهاد، وفيما اقترحنا من أسلوب الإحياء والإخلاص والعودة بالمسجد إلى سالف مجده بداية تؤخذ بعين الاعتبار فتجد من الاهتمام من قبل الدارس ما ينبغي أن تأخذه فتهذب وتشذب وينقص ويزيد بما يخدم الفكرة وينمي المقترح ويجعله صالحا للتنفيذ في الواقع والحياة، إذ أني لا أقول بلغت فيها النضج ولا وصلت بها النهاية، وإنما هي بداية ومحاولة بحاجة إلى المخلصين من أصحاب الظن الحسن والقلب السليم أن يسلكوا بها المسلك الصحيح القويم ويسعوا لتكون محلا للتنفيذ.
أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه، وأن يكتب الأجر والمثوبة لكل من أسهم وشجع في ذلك، وأرجو من القارئ أن يحسن الظن فيما يجد من خطأ أو هفوة فهي ليست مقصودة ولا متعمد فيها، إذ أنها إما أن تكون سهوا أو غفلة أو اجتهادا فالإصابة مع الاجتهاد محمودة، والخطأ فيه مغفور. وأسأل من ربي غفران الخطأ وهو الكريم المتفضل يعطي الكثير على القليل ويعفو عن الكثير بالنية المخلصة الصادقة، كما أني أرجوه أن يكتبني من عباده المخلصين وهو على كل شيء قدير والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.