هكذا تم بمنه وفضله البحث في هذا الموضوع وأصبح الحق فيه واضحاً لكل ذي عينين منصف إذا تدبر ما جاء فيه، لأنه هو الطريق الذي من سلكه نجا. ولأننا لسنا بحاجة إلى العمل بمثل تلك الأحاديث لأن فيما صح من الأحاديث المتضمنة لذلك كفاية لكل واقف، عند حدود الكتاب والسنة.
ومن قال بأن الأخذ بالأحاديث الضعيفة ليس اختراع عبادة فعجب قولهم لأن من أمعن النظر بالأحاديث الضعيفة، وبما تدل عليه من الفضائل التي لم تكن مساوية في هذا الحكم لأصل آخر صحيح كما أسلفنا لوجد أن ما تدل عليه ما دامت بهذه الصفة اختراع عبادة لأنه لا معتمد له في العمل به إلا ذلك الحديث الضعيف كصيام السابع والعشرين من رجب وما ماثل ذلك.
فصيام ثابت لكن ما الذي دل على فضله في هذا اليوم؟ أليس هو الحديث الضعيف؟ أليس الصائم في هذا اليوم يرجو الثواب الذي ورد ذكره في هذا الحديث؟ ومع ذلك فإننا نجد بعض الأعلام من العلماء لا يقفون عند فضائل الأعمال عند الأخذ بالحديث الضعيف فقد يتجاوزونه إلى الأحكام مثال ذلك ما قاله البيهقي في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في سترة المصلي كما تقدم.
والسيوطي إذ قال فيما تقدم ويعمل به أيضاً في الأحكام إذا كان فيه احتياط.
وما ورد في الأئمة في هذا الموضوع كالإمام أحمد وغيره رحمهم الله فمحمول على رواية الحديث الضعيف لا على العمل به أو على العمل به لكن يعنون به الحسن لغيره لا الضعيف القريب ضعفه إذا تفرد أو أنهم يفضلونه على القياس الفاسد كما تقدم بسطه.
وهناك فرق بين العمل بالحديث الضعيف وبين روايته وذلك إذا لم يشتد ضعفه وأما ما اشتد ضعفه فلا جدال فيه كما تقدم تفصيله في أبواب هذا البحث والله أعلم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم بارك على عبده ورسوله محمد بن عبدالله وعلى آله وأزواجه وأصحابه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين.