للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قراءة جديدة في تاريخ العثمانيين التحالف الصليبي الماسوني الاستعماري وضرب الاتجاه الإسلامي]

المؤلف/ المشرف:زكريا سليمان بيومي

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:عالم المعرفة - جدة ̈الأولى

سنة الطبع:١٤١١هـ

تصنيف رئيس:تاريخ

تصنيف فرعي:تاريخ - الدولة العثمانية

الخاتمة

قد يبدو لقارئ هذا البحث لأول وهلةٍ أنه محاولة للعودة لتجسيد الصراع بين الشرق والغرب في قالبٍ ديني، كما أنه قد يوحي بمدى كره الشرق الإسلامي للغرب المسيحي، ومع أنني لا أبرئ الاتجاه العام فيه من تضمنه لهذا الإحساس إلا أنه لم يكن هدفنا لبحث تاريخي حاولت خلاله الالتزام بالموضوعية والحيدة قدر الإمكان، ولا يعدو في مجمله أن يكون محاولةً لتصحيح النظرة لفترة تاريخية هي من أهم فترات التاريخ الإسلامي الحديث وتخليصها من الشوائب المغربة التي خلقتها الاتجاهات والتوجهات المغرضة أيضاً والتي خرجت في مجموعها لذلك عن الموضوعية التامة، وبالتالي فهو تصوير حقيقي لاتجاهات الشعوب وعدم قصر ذلك على التصوير من منظور فئة من الحكام سطا أغلبها على الحكم ومن تبعهم من مؤرّخي الصفوة وكتبة التاريخ.

والذي يطلع بإمعان في أركان الشريعة الإسلامية ومدى تطبيقها على مسيرة التاريخ الإسلامي يستطيع أن يُدرك إلى أي حدٍّ نعمت الأقليات الدينية في العالم الإسلامي بالحرية والطمأنينة بشكلٍ سمح لها بأن تلعب دوراً هاماً برغم قلته على الساحة الإسلامية، فقد استمر التقارب بين المسلمين والنصارى الأرثوذكس في الشرق عامةً وفي اليونان بصفةٍ خاصةٍ، في حين نظر الشرقي المسلم نظرة ريبة وعداء للنصارى الكاثوليك في أوروبا، وما كان ذلك إلا للدور العدائي الذي لعبته الدول المسيحية الغربية تجاه المسلمين منذ الحروب الصليبية وعبر مراحل التاريخ الإسلامي حتى التاريخ الحديث والمعاصر، ولم تتبدل نظرة المودة بين المسلمين والأقليات المسيحية في العالم الإسلامي عبر مراحل التاريخ إلا في أعقاب نجاح الغرب المسيحي في إثارتهم ضد المجتمع الإسلامي الذي يعيشون فيه منذ أواخر القرن الثامن عشر وعبر القرنين التاسع عشر والعشرين سواء من خلال دورهم السياسي الذي بدا في دور بعض نصارى لبنان أو نصارى مصر الذي انصاعوا لذلك وتحالفوا مع أعداء المسلمين من مسيحي الغرب منذ دور المعلم يعقوب في مصر في مطلع القرن التاسع عشر وما تلاها من أحداث عرفت باسم الصراعات الطائفية ما زالت آثارها ممتدةً حتى الآن، وكذلك مسيحيو اليونان الذين قاموا بدور تعصبي ضد العناصر الإسلامية في أعقاب الحرب العالمية الأولى لم يكن يوازي حجم التسامح الذي نعموا به طوال وجودهم تحت الحكم الإسلامي.

كما نعم اليهود في الشرق الإسلامي ولفترة تاريخية طويلةً بالهدوء والاستقرار وهو ما لم يجدوه على الساحة الأوروبية منذ العصور الوسطى وحتى التاريخ المعاصر، ولم يغير المسلمون من موقفهم تجاه اليهود إلا في أعقاب ظهور أطماعهم السياسية العدائية تجاه العرب والمسلمين التي عبَّرت عنها المحافل الماسونية ثم الحركة الصهيونية والتي ما زالت تقوم بدورها العدائي حتى الآن، برغم ادِّعائها مساندة الحركات الثورية والتحررية، كما لا يخفى دورها في توجيه حركة الكتابة التاريخية التي أسهمت –وما زالت تسهم- في توسيع شقة الخلاف بين الشرق والغرب، وبين الأغلبية والأقلية، بقصد التهيئة لمواصلة تحقيق أهدافها بغض النظر عن نتائجها على علاقات ومصالح الشعوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>