وشهد المسجد النبوي الشريف تطوراً هائلاً في أعمال البناء وتقنيته، وظهرت روعتها في التوسعة التي أضافت القباب المتحركة آلياً التي تغطي (٢٧) فناء، طول ضلع كل منهما (١٨ × ١٨م)، وهي تقنية حديثة استخدمت لأول مرة في المسجد النبوي الشريف، فأضفت خصوصية جديدة للاستفادة من الهواء والإضاءة الطبيعية، وخاصة في الفصول المعتدلة، كما تم تكييف المسجد النبوي الشريف بوحدات التكييف بالماء البارد لتلطيف الجو بالهواء البارد لتلطيف الجو بالهواء البارد داخل المسجد النبوي الذي يأتي بواسطة تقنية عالية الجودة والتكاليف، جعلت من قواعد الأعمدة في الدور الأرضي الرئيس فتحات يخرج منها الهوءا البارد، القادم من محطات التبريد عبر أنابيب خاصة، وبأطوال كبيرة. كما أنه أحدث نفق للخدمات يصل بين الأقبية وموقع محطات التبريد الواقعة بجوار مدينة الحجاج بطول سبعة كيلو مترات، وعرض (٦.١٠م)، وارتفاع (٤.١٠م) لتوصل الماء البارد من محطة التبريد إلى المسجد، ثم يتم تسليط الهواء عليه بواسطة تربينات خاصة لتبريد الهواء ونقله إلى كافة أرجاء المسجد لتبريدة من خلال قواعد الأعمدة. كما تم بناء محطة مولدات احتياطية بطاقة (١٢٥.٠٠٠) كيلو وات لخدمة المسجد النبوي الشريف، وقد سبق الحديث عن ذلك في هذا البحث بالتفصيل.
ولقد حققت توسعة الحرمين الشريفين تطوراً كبيراً في المنطقة المركزية المحيطة بالحرمين الشريفين في المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة بنظرة واقعية وتطلعات مستقبلية، بدأت بإحاطة الحرمين الشريفين بساحات واسعة لتسهيل حركة المصلين, تتفرع منها شوارع فسيحة تطل عليها مباني مجمعات سكينة, وتجارية, وفندقية، أقيمت بمواصفات عالمية، تقوم بتقديم أفضل خدمات السكن, والطعام, والشراب, والتسوق للحجاج والمعتمرين والزوار، بمستوى متطور يفوق الوصف. وقد تميزت هذه المباني بتوفر الخدمات اللازمة بها، مع المحافظة على العنصر الجمالي والتهوية الجيدة، وتوافر كافة وسائل السلامة، والاتصال السلكي واللاسلكي، مما جعل القدرة الاستيعابية لتلك المساكن والفنادق تتضاعف إلى عشرات الأضعاف، فضلاً عن الارتقاء العظيم في مجال الخدمات العامة التي يتمتع بها سكان هذه المجمعات السكنية من الحجاج والمعتمرين والزوار والمواطنين، وهذا بالطبع انعكس على ظهور تطور كبير في مناطق متعددة في المدينتين المقدستين بعد أن أعيد تخطيطهما على أحداث طراز. كما أن المباني التي تم هدمها لصالح مشروعات التوسعة دفع أهلها إلى شراء مساكن حديثة بديلة في أحياء جديدة، فامتدت الرقعة العمرانية والسكانية في المدينتين المقدستين إلى نطاق واسع، خاصة بعد توافر وسائل النقل الحديثة في المدينتين المقدستين، وفي غيرهما عن مناطق المملكة.
إن هذه الإنجازات العظيمة التي حققتها حكومة المملكة العربية السعودية في هذه البقاع المقدسة جعلت كل مسلم عمر الله قلبه بالإيمان والتقوى يشعر بالسعادة والراحة التامة والأمن والطمأنينة والرضا حينما يرى هذه الإنجازات العملاقة التي تحققت في الحرمين الشريفين، فيلهج لسانه بالدعاء, والتوفيق, والعز, والتمكين لحكام هذه البلاد من آل سعود الأفذاذ الذين نذروا أنفسهم، وبذلوا الغالي والنفيس في سبيل خدمة قاصدي الحرمين الشريفين، وتعميرهما والعناية بهما، حتى صار ذلك مصدر فخر لكل مسلم.
بارك الله لولاة الأمر في حكومتنا الرشيدة، وأجزل لهم الثواب والأجر العظيم منذ عهد الباني المؤسس لهذا الكيان العظيم الملك عبد العزيز آل سعود، وامتداداً لعهد أبنائه الملك سعود، والملك فيصل، والملك خالد رحمهم الله، وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني، وسمو النائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وجميع الأمراء من آل سعود، حفظهم الله وأيدهم بعزه ونصره، وجعل الله هذه الأعمال الجليلة في موازين حسناتهم.