وبعد: فقد تبين – بفضل الله تعالى ومنه – مما سبق من المباحث فضل الدعوة إلى الله تعالى، وأنها من أفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى؛ بل إنها أفضل مقامات العبد، وهي وظيفة الأنبياء والمرسلين عليهم السلام.
وتبين كذلك أن الدعوة إلى الله تعالى ليست مقتصرة على غير المسلمين فقط؛ بل إنها تعم كذلك عصاة المسلمين الذين انحرفوا عن الصراط المستقيم، ويدخل فيهم من باب الأولى المخالفون لأهل السنة والجماعة الذين انحرفوا عن المنهج الحق؛ منهج أهل السنة والجماعة ..
وتبين كذلك خطر البدعة وتأثيرها على المسلمين، وأنها أحب إلى إبليس من المعصية؛ لأن المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها، بمعنى أن صاحبها يعتقد أنه على دين صحيح؛ فكيف إذاً يتوب منه؟!
وتبين كذلك أن توبة المخالفين مقبولة إن أخلصوا فيها لله رب العالمين، فإنه لا يحول بينهم وبين التوبة أحد، والله تعالى يغفر الذنوب جميعاً لمن تاب إليه وأناب.
ومن كل ذلك تتبين أهمية دعوة المخالفين حتى يرجعوا إلى جادة الصواب، إلى منهج أهل السنة والجماعة، المنهج الحق الذي أمر باتباعه جميع المسلمين، ذلك أن أهل السنة هم أرحم الناس بالناس، ومن رحمتهم بالمخالفين أن يدعوهم حتى يتمسكوا بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ لعلهم أن ينجوا بين يدي الله عز وجل ويكونوا من الفائزين بجنات النعيم.
فعلى الداعية إلى الله تعالى أن يجعل هذا الأمر – وهو دعوة المخالفين لأهل السنة والجماعة – من جملة اهتماماته، وأن يسخر لسانه وقلمه وجهده وكل ما يستطيع في دعوة من يستطيع دعوته منهم، بالأسلوب الحسن، والحكمة النافعة، وأن لا يألوا جهداً في استخدام شتى الوسائل في دعوتهم – التي ذكرت في البحث والتي لم تذكر – وأن يكون على بصيرة مما يدعو إليه، حتى تكون دعوته ناجحة بإذن الله تعالى.
وعليه أن يكون قريباً من أهل العلم؛ يستنير بعلومهم، ويسترشد بكلامهم، ويسألهم عما يشكل عليه في دعوته للمخالفين، ويستشيرهم فيما يواجهه من مشكلات وعقبات، وقد ذكرت في هذا البحث بعض فتاويهم وتوجيهاتهم في دعوة المخالفين ونصحهم وإرشادهم والتعامل معهم.