[الإمام علي بن المديني ومنهجه في نقد الرجال]
المؤلف/ المشرف:إكرام الله إمداد الحق
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:دار البشائر الإسلامية - بيروت ̈الأولى
سنة الطبع:١٤١٣هـ
تصنيف رئيس:علوم حديث
تصنيف فرعي:دراسات توثيقية ومنهجية
الخاتمة
وبعد أن قضيت أياماً نشيطة ممتعة مليئة بكثير من الجهد, وبعد أن انتهيت بعون الله وتوفيقه من إعداد هذا البحث الذي استغرق أكثر من سنتين متواصلتين لعمل فلعله من المفيد أن أبرز هنا النتائج التي توصلت إليها في رسالتي هذه بفضل الله تعالى ومنته، وفيما يلي أهم هذه النتائج:
١ - إن الاستقرار النسبي لسياسة دولة بني العباس في عصرهم الأول وهو العصر الذي ترعرع فيه الإمام الفحل علي بن عبد الله المديني رحمه الله وبعد الإمام على بن المديني عن مظاهر الحياة الاجتماعية في عصره , وازدهار ونضج النهضة العلمية في عصره لمن أهم الحوافز التي دفعت الإمام علي بن المديني إلى أن يتفرغ التفرغ الكلي لتحصيل العلم وتلقى الحديث , والبروز في علوم الحديث , والنبوغ في مجالات النقد.
٢ - إن الإمام علي بن عبد الله المديني أصله من المدينة المنورة ,لا كما يتبادر من كلمة المديني أنه من المدن الأخرى كبغداد ونيسابور ونحوها.
وذلك لأن الغالب في النسبة إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقال: مدني , والغالب في النسبة إلى المدن الأخرى أن يقال: (مديني) ونسبة علي بن المديني جاءت على خلاف الغالب كما بينت ذلك في صلب البحث- والله أعلم
٣ - ينتمي علي بن المديني إلى أسرة عريقة في علم الحديث إذ كان أبوه (عبد الله بن جعفر) من المحدثين المشهورين , وكان جده (جعفر بن نجيح) وجده من قبل أمه"جمهان" يعدان ممن عني بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
٤ - تتميز سيرة الإمام علي بن المديني رحمه الله بالاتصاف بكل خلق كريم من ورع وزهد وعفة وتواضع ونحوها على ما فيها من صفات الدعابة والترويح عن النفس
٥ - في بيان عقيدة الإمام علي بن المديني بينت أنه رحمه الله أحد أعلام أهل السنة والجماعة إذ عرف بمنابذته للفرق المنحرفة وشدته ورده عليها , كما أن حرصه الشديد لإظهار السنة ومناصرته لأهل السنة والجماعة معروف فكان إماماً قدوة من أئمة الإسلام ملتزماً منهج السلف الصالح.
وأما ما أثير حوله في مسألة خلق القران الكريم , فكل ما أثر من نصوص تشير إلى مسايرته القائلين بخلق القرآن باطلة ومفترى عليه لا ينهض دليلاً على زعم هذه المسايرة. وما كان منه من بعض الميل إلى زعمائهم كان له فيه عذر رأى المصلحة في هذا الميل الضئيل إذ كان ضعيفاً لا يحتمل التعذيب , وقد شدد عليه في الامتحان , كما كان في هذا الميل أيضاً تفريج عن كثير من المعذبين في المحنة من أهل السنة والجماعة كما أوضحت ذلك بالتفصيل في مكانه من هذا البحث , على أن الرجل قد تاب عما اضطر إليه من بعض الميل إليهم فقد صرح أكثر من مرة بكفرهم وأنهم قوم ضلال , والحمد لله.
٦ - وفي اتجاه ابن المديني الفقهي يعد رحمه الله من أعلام المحدثين الفقهاء الذين كانت لهم عناية كبيرة بفقه الحديث , ولم يكن يلتزم بمذهب معين من أحد المذاهب الفقهية, بل كان مجتهداً يأخذ بما أداه إليه اجتهاده وما ترجح لديه بالدليل , على أنه كان يتمتع بالتحرز الشديد وعدم التسرع في الفتيا مما يدل على عمق تفكيره وصفاء ذهنه واحتياطه اللازم في الدين.
٧ - إن الإمام علي بن المديني قد بدأ حياته العلمية منذ فترة مبكرة من عمره, وكان يتمتع بقوة الحفظ والحرص الشديد على طلب الحديث والتفاني في جمعه, وكثرة الرحلات العلمية إلى الأقطار , والتلقي عن عدد وافر من الشيوخ الكبار مما كان له أبلغ الأثر في سعة إطلاعه ووفرة إنتاجه.