للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التحرير في قاعدة المشقة تجلب التيسير]

المؤلف/ المشرف:عامر سعيد الزيباري

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:دار ابن حزم - بيروت ̈الأولى

سنة الطبع:١٤١٥هـ

تصنيف رئيس:أصول فقه

تصنيف فرعي:قواعد فقهية وأصولية

الخاتمة

إن الشريعة الإسلامية تمتاز بقابليتها للتجديد ومواكبتها للتطور الزمني والبشري على مر الأزمان والعصور، وتمتاز كذلك بخاصية التيسير ورفع الحرج ورعاية المصالح فحيثما وجدت المصلحة فثم شرع الله. فهي شريعة تستحق البقاء والخلود وهي بحق أساس سعادة البشرية في ظل حضارة شاملة وكاملة.

وصدق الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم:

{قَدّ جَآءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ بِإذنِهِ وَيَهدِيِهم إلى صِرَاطٍ مُّستَقِيم ٍ}.

فمن خلال هذا البحث اتضح أن الشريعة الإسلامية مثلما سلكت مسلك الحزم في تقرير أحكامها. اتخذت كذلك مسلك التيسير والرحمة بالقدر الذي لا يفضي إلى الإخلال بمقاصد الشريعة.

ويتجلى ذلك بما ثبت من التيسيرات والأحكام الخاصة بالأعذار وفي هذا تأكيد على أن المقصود من التكليف هو حصول الامتثال وتحقيق مقاصد الشرع من جلب المصالح ودرء المفاسد.

والمكلف مطالب بتحقيق طلب الشارع ما دام أنه قادر لما كلف به في الطلب الأول، فإذا حصل له ظرف طارئ من مرض أو سفر أو حاجة ونحو ذلك من أسباب التيسير فإنه يعدل إلى هذه الأحكام المخففة ولا يكلف نفسه معاناة الطلب الأول من غير أن ينقص من أجره شيء بل الأبعد من ذلك، أن المسلم إذا كان له عادة في أداء عبادة في حالة الصحة أو الإقامة ثم طرأ عليه من المرض أو السفر ما يمنعه ذلك، ثبت له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحاً أو مسافراً.

يقول عليه الصلاة والسلام:"إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل مقيماً صحيحاً".

كما اتضح أن التيسير قد لا يكون مقصوراً على الظروف العارضة للأفراد في أحوال الاضطرار بل ربما يشمل كذلك الحاجيات والضرورات العامة المؤقتة وذلك كأن يعرض الاضطرارللأمة أو طائفة عظيمة منها تستدعي إباحة الفعل الممنوع لتحقيق مقصد شرعي كسلامة الأمة وإبقاء قوتها.

وهذا مما جعل الموضوع خصباً وقابلاً لأن ينال حظه من الدراسة الجادة والموضوعية لحاجة المسلم المعاصر إلى توضيح وضبط كثير من الأمور وبشكل خاص ما يتعرض له في حياته اليومية وكذلك ما يطرأ على المجتمع في مختلف جوانب الحياة من ظروف وتطورات أو طوارئ تتبدل بها الأحكام تخفيفاً أو تيسيراً. والله ولي التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>