[التمثيل حقيقته - تاريخه - حكمه]
المؤلف/ المشرف:بكر بن عبدالله أبو زيد
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:دار الراية - الرياض ̈الأولى
سنة الطبع:١٤١١هـ
تصنيف رئيس:فقه
تصنيف فرعي:تمثيل - رقص
الخاتمة: والخلاصة أن التمثيل: حرفة، وأداء، وتكسباً وعرضاً، ومشاهدةً، لا يجوز، لأنه إن كان تمثيلاً دينياً فهو بدعي: لوقف العبادات على النص ومورده، ولما علمت من أصله لدى النصارى واليونان. وإن كان غير ذلك فهو لهم محرم، لما فيه من التشبه، ولما رأيته من تفاريق الأدلة، وما يحتوي عليه، ويترتب عنه من الآثار المعارضة لآداب الشريعة، وناموس الترقي، وانحلال ربقة الأدب، وأن ما فيه من عظات، وفضائل مزعومة، فهي ضائعة مغمورة في حلبة تلك الملهيات التي توقظ نائم الأهواء، وتحرك ساكن الشهوات، كما ينطق به الواقع المرير، لتمرير الفحش، والخناء، والفسوق والعصيان، وتهديم البيوت داخل أسوارها، فهو يمثل مخاطر على العقائد، والأخلاق، والفضائل، والآداب.
وبالجملة فإن انتشار التمثيل بصفته التي تشاهد وتسمع كل يوم وليل: يمثل ظاهرة اعتلال في الأمة، ونهم في اللهو واللعب، ووهن في الدين، وفراغ من العلم، وعجز عن تحصيله، وتحطيم للأمة في قوتها ووقتها، وتنمية طاقاتها ومواهبها، فما هي إلا وسيلة عدوان على الأمة، وتخطيط رهيب لتعيش سادرة، تخوض فيما لا ينفعها في دينها ولا في دنياها، بل هو ضرر محض عليها في الدين والدنيا.
وإفساد الإنسان، وانهيار أخلاقه، بغرض السيطرة عليه: مخطط تخريبي، يهودي. وفي "بروتوكولات يهود": "يجب أن نعمل لتنهار الأخلاق في كل مكان، فتسهل سيطرتنا إن "فرويد" منا، وسيظل يعرض العلاقات الجنسية في ضوء الشمس لكي لا يبقى في نظر الشباب شيء مقدس، ويصبح همه الأكبر إرواء غرائزه الجنسية، وعندئذ تنهار أخلاقه" انتهى.
والتاريخ يحفظ في سطوره أن الهيام في المضحكات والترفيهات من علائم الانحطاط وانقراض الدول. فهذا المستعصم آخر خلفاء بني العباس في بغداد كان مولعاً بالتفرج على "المساخرة" المضحكة، وكان يقضي أكثر زمانه معها، كما في "الفخري ص/١٤٤" وتاريخ أبي الفداء ٣/ ١٧٦، وغيرها.
وهكذا إذا ماتت السنن ظهرت البدع، وإذا ضعف الجد والعزم، تفشى في الأمة الهزل والضعف، لتصل إلى محطة الشيخوخة في دائرة قطيع يساوم، وسلع تساوم وإن الحياة لحادث جلل فما بمثل هذا تعمر الحياة، ويكون "التمثيل" ناموساً ورمزاً لمجدها.
وبالجملة فالتمثيل يحوي مفاتيح هذه المقاصد الهابطة،
ويتضمن "محاضن تفريخ لها".
وهنا أذكر من ابتلي بشيء من أمر الفتيا، أن يبصر حال أمته ويبصر أوضاعها، وماذا يراد بها، ليتوقى عند إصدار الفتوى من فتيا تكون سلماً لتلك المآرب المهينة، ولا أرى الفتيا بالجواز المقيد بشروطه، إلا ومصدرها – مع التقدير – في غياب عن الساحة وما يجري فيها من توظيف "التمثيل" لهدم مقومات الأمة، فستكون الفتيا "تكأة" ينطلق منها الآثمون، مستبعدين لضوابطها الشرعية عند من أفتى بها – وقد فعلوا؟! وأقول أخيراً: إن التمثيل لو كان جائزاً بشروطه لوجب في هذا الزمان الإفتاء بمنعه وتحريمه لما يشاهد في بلاد المسلمين من زحم التمثيليات المهول التي تفرز خطورة على مقومات المسلمين كافة، ولا ينازع في الواقع هذا إلا جاهل به، أو ممالي.
أيقظ الله المسلمين من غفلتهم، وهداهم، وأصلح بالهم، والله الموفق. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. بكر أبو زيد.