[التصحيف وأثره في الحديث والفقه وجهود المحدثين في مكافحته]
المؤلف/ المشرف:أسطيري جمال
المحقق/ المترجم:بدون
الناشر:دار طيبة - الرياض ̈الأولى
سنة الطبع:١٤١٥هـ
تصنيف رئيس:علوم حديث
تصنيف فرعي:تصحيف ومصحفين
الخاتمة
في هذه الخاتمة نختصر ونعتصر أهم النتائج التي توصلنا إليها في بحثنا هذا، ونذيل ذلك ببعض التوصيات التي نرفعها إلى كل مشتغل بعلم الحديث، وإلى الهيئات والمؤسسات التي تعمل على طبع وتحقيق التراث الإسلامي فنقول في:
أـ النتائج:
• التصحيف ظاهره لم يسلم منها أحد، بل وقع فيها كبار المحدثين والسبب في ذلك أن علم الحديث علم يعتمد النقل والسماع، وكلاهما يخطئ. غير أن نسبة الخطأ تقل في الرواة المحققين الذين تمرسوا بصناعة الحديث وتفرغوا لضبطه ومهروا في إتقانه عن الشيوخ الموجودين العارفين بعلم الحديث رواية ودراية.
• وقوع التصحيف من الأئمة المتبوعين أشد خطراً وأعظم ضرراً، وذلك لأن أتباعهم قد يفرعون ويخرجون المعاني على تلك الألفاظ المصحفة، وهذا كله من ضرر التقليد.
• لم ينعقد إجماع على العمل بنص مُصّحَّف، وهذا يدل على عناية الله بحفظ هذه الشريعة السمحة، كما يدل على العناية التامة التي بذلها المحدثون في الذب عن السنة والسعي في الحفاظ عليه لفظاً ومعنى.
• يكاد يندر أو ينعدم وجود تعمد التصحيف من طرف بعض الرواة، إلا ما ورد عن الشيعة في تصحيف قوله صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركنا صدقة"ـ وقد سبق الكلام عليه.
وعدم تجرؤ الرواة على تعمد التصحيف مما يُتَعجَّبُ منه، فإن تعمد الكذب من طرفهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم جائز وواقع. وهو أقبح وأعظم ضرراً.
• التصحيف علة تقدح في الحديث سنداً ومتناً وفي بيان ذلك نقول:
للتصحيف أثر بالغ في قبول الأحاديث وردها أو في التوقف في الحكم عليها.
التصحيف علة تقدح في المتن من حيث الاحتجاج باللفظ المصحف في الأحكام الشرعية.
• التصحيف الحاصل في أسماء الرواة أدى إلى الجمع والتفريق في أسماء الرجال.
• قد يقع التصحيف في أسماء الرواة أو في صيغ التحديث في الإسناد، فيترتب على ذلك استدراك رواة ـ زوائد ـ لا حقيقة ولا رواية لهم إطلاقاً.
• التصحيف سبب من أسباب الخلاف الفقهي، ولم أر من ذكر ذلك ممن ألف في أسباب الخلاف الفقهي، ولعل السبب في ذلك قلة المسائل المختلف فيها بسبب التصحيف.
• أهمية الوقوف على النسخ المتعددة من أي كتاب يراد تحقيقه، وذلك حتى لا نعزو التصحيف إلى مؤلف الكتاب بينما قد يكون ذلك من الناسخ، فكم هي التصحيفات التي تسبب فيها طبع بعض كتب الحديث اعتماداً على نسخة واحدة وقع فيها التصحيف من الناسخ!
فالباحث الذي يعتمد عند التحقيق عدة نسخ، يقوم من خلالها بالمقابلة والمقارنة، لا يثبت حرفاً ارتاب فيه إلا بعد أجراء علمية استقراء للنسخ المتوفرة من الكتاب الذي يحققه.
• معظم التصحيفات ذات الأثر البالغ التي ترتبت عليها أحكام فقهية أو حديثية، وقعت بعد العصور الأولى للرواية، تلك العصور التي التزم فيها ناقلو الأخبار وحملة الآثار شروط وآداب التحمل والأداء.
• وهذا يدل على أن تلك القوانين التي وضعها المحدثون لتلقي العلم وروايته قد حققت نتائج هامة وفوائد تامة، ولهذا ندر التصحيف في عهد الصحابة. وكلما ابتعدنا عن تلك العصور الأولى ـ عصور الروايةـ ابتعدنا عن التزام آداب الرواية وتأثرنا بالمناهج التربوية الغربية فجاز علينا التصحيف ووقع فينا وكثر التحريف.
أما ما وقع من تصحيفات في عصور الرواية فأغلبه يرجع إما إلى سوء السمع، وقد تحدثنا في الباب الأخير من هذا البحث عن سبيل الوقاية من سوء السمع عند المحدثين عندما تحدثنا عن وسائل الأداء. كما يمكن أن يرجع التصحيف إلى الأخذ والتحمل عن الكتاب وقد حذر المحدثون من ذلك.
ب ـ التوصيات:
• ضرورة أخذ وسماع الحديث عن الشيوخ والعلماء الذين لهم عناية تامة بتحقيق ألفاظه وضبط أسماء رواته، فإن في ذلك تجويداً له وتيسيراً وتقريباً لطالب العلم.
• ضرورة إعادة طبع كثير من كتب الحديث التي نشرت من غير تحقيق علمي يعتمد ويلتزم منهج المحدثين في تحقيق النص الحديثي وفق ما أشرنا إليه في الباب الأخير من هذا البحث.
• تأسيس مجلس علمي يُعْنَى بتحقيق التراث الإسلامي يتكون من العلماء المحققين في علم الحديث، توكل إليهم مهمة التحقيق والطبع والإشراف على طبع كتب الحديث ومراجعة ما ينشر في العالم الإسلامي في علم الحديث وتقويم أعمال المحققين.