للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حدود الصفا والمروة (التوسعة الحديثة) دراسة تاريخية فقهية]

المؤلف/ المشرف:عبدالملك بن عبدالله بن دهيش

المحقق/ المترجم:هشام بن عبدالملك بن دهيش

الناشر:مكتبة الأسدي – مكة ̈الأولى

سنة الطبع:١٤٢٩هـ

تصنيف رئيس:فقه

تصنيف فرعي:حج وعمرة - سعي

الخلاصة: أن جبلي الصفا والمروة ممتدان بأكثر مما هو واقع اليوم، وقد شهدت ذلك بنفسي قبل التوسعة السعودية، كما أسلفت، وقد شهد بذلك أيضاً عدداً كبيراً من كبار السن من سكان الصفا والمروة، وقد صدق فيهم المثل القائل: (أهل مكة أخبر بشعابها).

وقال العلامة الحنبلي الشيخ ابن سعيد رحمه الله: (فمنهم من قال بأن عرضه لا يحد بأذرع معينة، بل كل ما كان بين الصفا والمروة فإنه داخل في المسعى كما هو ظاهر النصوص من الكتاب والسنة، وكما هو ظاهر فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن بعدهم ومنهم من قال يقتصر فيه على الموجود، لا يزاد فيه إلا زيادة يسيرة يعني في عرضه).

فهذا الرأي هو الذي ترجح عندي بعد دراستي المتعمقة لهذا الموضوع، والوقوف على النصوص الشرعية، وأقوال أهل العلم من الفقهاء والمؤرخين، والرأي الثاني، هو الزيادة فيه زيادة يسيرة، فكلا الرأيين يجيز الزيادة.

ويقول الأخ الأستاذ الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان: (أن النقول بالتوارث من طرق الإثبات، كما بينه العلماء، وحرره ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين، فقال: وأما نقل الأعيان وتعيين الأماكن، فكنقلهم الصاع والمد، وتعيين موضع المنبر، وموقفه للصلاة، والقبر، والحجرة، ومسجد قباء، وتعيين الروضة، والبقيع، والمصلى ونحو ذلك).

ونقل هذا جار مجرى نقل مواضع المناسك كالصفا والمروة ومنى، ومزدلفة، ومواضع الجمرات، ومواضع الإحرام، كذي الحليفة، والجحفة، وغيرهما، وسنة متلقاة بالقبول.

كما أيد العلم الحديث تلك الحقيقة، فقد قامت هيئة المساحة الجيولوجية، باستخدام آليات خاصة، وحفارات عملاقة، نزلت في أعماق الصخور الموجودة بالمنطقة التي أقيمت التوسعة عليها، فأخذت عينات من جبلي الصفا والمروة من مكانهما قبل التوسعة، ومن منطقة الامتداد الشرقي التي أقيمت عليها التوسعة، فتبين لها:

• أن جبل الصفا لسان من جبل أبي قبيس، وأن لديه امتداداً سطحياً بالناحية الشرقية مسامتاً للمشعر الذي كان قائماً قبل توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بما يقارب (٣٠ متراً).

• أن جبل المروة يمتد امتداداً سطحياً مسامتاً للمشعر قبل توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بما يقارب (٣١ متراً).

وذلك في تقرير أعد لمعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج بجامعة أم القرى بمكة المكرمة.

كما لم يكن للمسعى في السابق بنيان يحده من الجهتين فكان الناس عند الزحام يسعون خارج نطاق البنيان لعدم وجود الجدران، ولوجود امتداد الجبلين قبل تكسيرهما لبناء المسمى، فالأصل أن المسعى، كان مفتوحاً وأن ما تم من بناء وتظليل جاء بقصد حماية الحجاج والمعتمرين خلال السعي من حرارة الشمس وإبعاد الباعة وغيرهم عن طريقهم، ومن البديهي أن الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع كان معه عشرة آلاف حاج يؤمهم وهو يسعى بين الصفا والمروة ويعلمهم النسك دون إلزامهم بحدود معينة، ولم يقل لا تتعدوا العرض المعين، أو قفوا عند هذا الحد، ولا تتجاوزوا عرضه، بل حج معه كل هذا العدد وكانوا يسيرون كلهم في المسعى، الأمر الذي يعني أن الأصل في الشرع السعي بين جبل الصفا وجبل المروة في كل شوط والرمل في منتصف الوادي بينهما، ولم يحدد المصطفى صلى الله عليه وسلم مساراً لهذا السعي كي لا يجهد أمته، وما سئل صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم عن شيء إلا قال: (افعل ولا حرج).

كما أن المبنى الذي أزيل في توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله كان لابد من إزالته، وإعادة بناؤه بما يتلاءم مع الزيادة العددية الغفيرة من حجاج بيت الله ومعتمريه، حيث أن المبنى السابق كان مصمماً على قدرة تحمل محدودة، لا تتحمل تلك الأعداد، ويخشى من تهدمه وحدوث كارثة لا يعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالى، فندعو الله لخادم الحرمين الشريفين بالتأييد والتمكين، والصحة والعافية، وأن يجزل له العطاء على ما متعه الله به من بعد نظر، وتفكير دائم في نفع المسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>