للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما توصلت إلى أن الظلم الذي شهده عصر الرق والإقطاع والرأسمالية ناتج عن غياب شرع الله عن التطبيق، وأن تلك الصورة المظلمة خاصة بتاريخ أوروبا وحدها ولا تشمل غيرها، وأن أسلوب التعميم الذي سلكه ماركس في تفسيره المادي للتاريخ مخالف للمنهج العلمي، لأنه لا يجوز للباحث التاريخي أن يجعل دراسته قاصرة على حياة أمة من الأمم في فترة من الفترات، ثم يعمم النتيجة التي توصل إليها على جميع الأمم، وأن القول بأن التاريخ البشري أصبح بكامله منذ ظهور الملكية الخاصة مسرحاً للصراع الطبقي باطل، لأنه لا ينطبق على الإسلام الذي لا يقر نظام الطبقات، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى هو الحاكم والمشرع، والأفراد منفذون لشرعه. كما توصلت إلى أن الملكية الفردية نزعة فطرية، وأن الظلم ناشئ عن سوء استخدامها، وأن الأمم قد تشكلت قبل مرحلة الرأسمالية، بدليل أن الأمة الإسلامية تشكلت قبلها، والدول الرأسمالية الحالية لا تشكل أمة واحدة، وأن الاستعمار وجد في العصور القديمة لأنه شهوة منحرفة ناشئة عن بعد الناس عن شرع الله، وأن السوء الذي وصلت إليه الرأسمالية، لم يكن نتيجة حتمية لطبيعة رأس المال، ولم تكن لتصل إلى ما وصلت إليه لو أنها استقامت على دين الله، وحاربت الربا ومخططات اليهود الشريرة الرامية إلى إفساد البشرية وتدمير أديانها وأخلاقها، ونهب اقتصادها. كما توصلت إلى أن التفسير المادي للتاريخ لا يستطيع أن يفسر ظهور الإسلام تفسيراً اقتصادياً. فالإسلام مثلاً حرر الرقيق قبل أوروبا بسبعة قرون، وأعطى المرأة حقوقاً وامتيازات لا مثيل لها في تاريخ البشر، دون أن يكون وراء ذلك دوافع اقتصادية، كما أن الإسلام لا يقر نظام الإقطاع، لأن التشريع بيد الله، والمال مال الله والإنسان مستخلف فيه، ونظام الإرث يفتت الثروة ويحول دون التضخم الذي يؤول إلى جعل المال دولة بين الأغنياء.

كما وجدت أن شعار "من كل حسب طاقته ولكل حسب حاجته" الذي أطلقه الماديون خرافة لا يمكن أن تتحقق بحال من الأحوال، وأن الحوادث التاريخية كذبت تنبؤات ماركس.

كما وجدت أنهم تراجعوا عن تطبيق كثير من مبادئ الشيوعية كإباحتهم أنواعاً من الملكية الفردية والإرث.

(هـ) وقد ظهر لي ولله الحمد بطلان النظرة الشيوعية للدين ـ التي تزعم أن الدين مخترع بشري يتطور تبعاً لتطور العوامل الاقتصادية، وهو مخدر لإِتباعه، وأثبت أن التدين فطري ثابت في النفوس، والتوحيد أصل التدين والشرك أمر طارئ، ووجدت أن القول بأن الدين مخترع وهم خداع يقصد منه هدم الأديان ـ أمنية اليهود والمفسدين الغاليةـ وأن الدين الصحيح لم يكن مخدراً لأتباعه في يوم من الأيام، بدليل أن الثورات المعاصرة التي ثارت على الاستعمار الرأسمالي والشيوعي معظمها قامت تحت راية الدين، وأن الدين لا يشوه نظرة الإنسان إلى العالم، فالدين الإسلامي مثلاً يأمر أتباعه أن ينظروا إلى العالم نظرة تفاؤل وأمل، وأن يسعوا في الأرض لإعمارها، وأن ينهلوا من ينابيع العلم والمعرفة ما يستطيعون وفق شرع الله وهديه.

(و) كما توصلت إلى أن الأخلاق فطرية ثابتة في النفوس لا تتغير، وتستمد تعاليمها من الدين وأن ما يزعمه الماديون تطوراً أخلاقياً ليس إلاَّ انحرافاً في السلوك نتيجة لعدم تحكيم شرع الله في حياة الناس، وأن انحراف أوروبا عن المعايير الخلقية كان نتيجة حتمية لابتعادها عن دين الله ومخالفتها لشرعه.

(ز) توصلت إلى بيان غرض الماديين من إنكار دور الأفراد البارزين وهو إنكار دور الأنبياء والمصلحين، وأكدت على أن دور الأنبياء والمصلحين في دفع عجلة التاريخ حقيقة ثابتة لا سبيل إلى نكرانها.

<<  <  ج: ص:  >  >>